ماهي الحضارة، وما فرقها عن الثقافة؟ هل نحن مقبلون على (حضارة عالمية جديدة)؟

CIVILISATIONسليم مطر ـ جنيف

جميع (علماء الاجتماع والمؤرخين) إهتموا بهذين المفهومين الخطيرين:(الثقافة والحضارة)، منذ عالمنا (ابن خلدون)([1]) وحتى العصر الحديث:(تونبي، وشبلغر، ديورانت، هنتغتون، وغيرهم)، فهما مفتاحان اساسيان لفهم الامم والدول والحقب التاريخية، ماضيا وحاضرا. ([2])
بسبب اهميتهما تشعبت وتعقدت تعريفاتهما. ومن يقرأ ما مدون بالعربي وبالاجنبي، من كتب ودراسات لتعريف (الحضارة) و(الثقافة)، فانه يقينا سوف يتيه بين الشروحات العجيبة المتنوعة بدرجة اختلافها الجوهري الى حد التناقض والضياع في السفسطة. هذه الفوضى التعريفية سببها الخلط الدائم بين هذين المصطلحين، واستخدامهما بصورة عشوائية وغامضة. وما الكتاب الشهير:(صراع الحضارات: صموئيل هنتغتون) إلا مثال فاضح على خفة وتخبط بعض المفكرين في التمييز بين هذين المفهومين..([3]). لتبيان مدى الفرق بينهما، يكفي ان نعرف تاريخ البشرية انتج مئات، بل آلاف الثقافات المختلفة، ولكنه لم ينتج سوى بضعة حضارات معدودة. وان من بين حوالي 3000 لغة في العالم هنالك فقط حوالي 100 تستعمل الكتابة.([4] ). فمثلا كيف يصح الحديث عن(حضارات هندية امريكية: المايا والاستك وغيرها) وهي بالحقيقة(ثقافات محلية) كانت عاجزة عن الانتشار خارج مناطقها المحصوةر، وعاجزة حتى عن استعمال حيوان للنقل والشغل (مثل الجمل والحصان او حتى الثور والحمار واللّامة) ولا حتى استخدام العجلة للنقل؟!([5]). وكيف يصح الحديث عن (حضارة فارسية قبل الاسلام) وهي لم تترك لنا اية نصوص ثقافية او دينية عدى نقوش حجرية الملوك عن بطولاتهم وبعض النتف من اناشيد مجوسية، فكتابهم المقدس(الافستا) كتبوه في القرن الرابع الهجري بفضل الثقافة العربية الاسلامية(طالع تحت هامش رقم 10) وطيلة تاريخهم اعتمدوا على الكتابة المسمارية واللغة الآرامية العراقية؟!

قبل تفسير هذين المفهومين يتوجب التأكيد الهام التالي:

 CIVIEL 2

 ان التمييز بين (الثقافة) و(الحضارة)، غايته التمييز(الوظيفي) وليس(القيمي)، مثلما نميز (البيت البسيط العادي) عن(القصر الفاخر الشامخ)، وبين(المستويين الابتدائي والجامعي). أي ان (التقدم الحضاري) لا يعني: (التقدم الاخلاقي الضميري)، وان(التخلف الحضاري) لا يعني( القسوة والهمجية) كما عودتنا طروحات الغربيين والحداثيين. بل ان عموم (التقدم) مهما كان، هو بجوهره (تقدم مادي ومعرفي) اما(القيمة الانسانية والضميرية) فهي مستقلة تماما. وابسط مثال يوضح خلاصة فكرتنا: ان (المتحضر) الذي يمارس (القتل بالمسدس)، ليس اكثر انسانية وضميرية من (البدائي) الذي يمارس (القتل بالحجارة او السيف)! وان الجيوش التي تغزو البلدان بأسم التحضر والديمقراطية وتبيد جموع الابرياء بالطائرات المسيرة، ليست اكثر انسانية من جيوش البدائيين التي تغزوا وتستبيح وتستعبد.

خلاصة القول: ان الغاية والفائدة الاولى والكبرى من (التقدم الحضاري): انه يقوم بـ: (زيادة القوة الداخلية والخارجية) للأمة (دولة وشعب) من خلال زيادة المعارف والتقنيات التي تمنحها امتيازات مادية ومعرفية وعسكرية مقارنة بالامم الاخرى. لهذا السبب وعلى مر التاريخ، غالبية الاختراعات بما فيها الطبية كانت بدفع من الدولة لخدمة جيوشها، وان القفزات العلمية الطبية الحديثة بدأت في سوح الحروب الاوربية. وان غزو الفضاء يتم تحت رعاية وزارات الدفاع. ثم يكفي التذكير بأن (الانترنت) اعظم اختراعات العصر الحديث، قد تم استخدامه لسنوات بصورة سرية في وزارة الدفاع الامريكية قبل نشره الى العالم.([6])

نعم ان (التقدم الحضاري)، يساعد على حل المشاكل وتلبية الحاجات، التي يخلقها هذا التقدم نفسه! ان (السيارات) ساعدت الانسان على سرعة وسهولة التنقل. لكنها خلقت معها مشاكل وحاجات لا تحصى: الطرق والنفط(الذي ارتبط بالاستعمار والحروب وتلوث البحار)، والمواقف والارصفة والتلوث وانظمة المرور والزحام ومحلات التصليح وحوادث الموت والاعاقة.. الخ. ان تطور الطب والادوية حتى الآن يسير جنبا الى جنب مع تطور الاسلحة الفتاكة وتعقيدات الحياة والعزلة ووسائل السيطرة والرقابة والارهاب والقمع. نعم ان التقدم والحضارة غايتها زيادة القوة وارباح الاثرياء، وليس الانسانية والرفاهية.

ما هي الثقافة؟
لتحديد معنى(الحضارة ) يتوجب اولا معرفة معنى (الثقافة): ان الوجود الذي يحيطنا نحن البشر، الكرة الارضية والكواكب، ينقسم الى نوعين:

1ـ البيئة الطبيعية: أي كل ما هو موجود طبيعيا خارج تدخل البشر، من نباتات وانهار وبحار وحيوانات، وافلاك.. الخ.

2 ـ البيئة الثقافية: أي كل المنتجات المادية والمعرفية المصنوعة والمبتكرة من قبل البشر. ([7])
مثلا: النباتات والحيوانات، هي طبيعة، ولكن عندما يبدأ الانسان بزراعتها وتدجينها واستخدام خشبها واثمارها ولحمها وجلودها، ويرعاها ويرسمها ويغني ويتعبد لها ويكتب عنها، فانها تتحول الى (ثقافة).ان (الطين) طبيعة، ولكن عندما نستخدمه للبناء والفخار وابداع التماثيل، فانه يصبح (ثقافة).

(الثقافة) إذن هي التي تميز الانسان عن الحيوان، لان الانسان وحده يمكنه (ذكائيا وعضليا) التاثير بشكل ابتكاري على الطبيعية وتحويلها لمنافعه ومتعه. أية (جماعة بشرية) مهما كانت بدائية وأمية ومعزولة، لابد ان تمتلك ثقافة تعيش عليها وتتوارثها، ابسطها اللغة والاعراف والثياب والغناء والمنزل، واشعال النار والطبخ والرعي والزراعة.. الخ. ان الحيوانات لا تمتلك ثقافة لانها غير قادرة على أي ابداع وتراكم مادي ومعرفي، بل هي تحيا اساسا على سلوكيات غريزية محددة ومكررة عبر ملايين السنين. فمثلا، ان الكلاب والقطط، رغم انها تعيش مع الانسان منذ عشرات او مئات آلاف السنين، لكنها حتى الآن لم تضف حرفا الى نطقها الغريزي:(عو عو) و(ميو ميو)..([8]) وهذا الحقيقة المكشوفة والمحسوسة تدحض تماما (خرافة الداروينية)عن القفزات الاحيائية والعقلية(القردية) بتاثير البيئة!

تنقسم (الثقافة) الى نوعين متداخلين:

   ـ الثقافة المادية: أي كل انتاج مرأي ومحسوس مثل الابنية والثياب وادوات الزراعة والحرفيات والطعام والاسلحة والمصانع حتى القنابل النووية والمركبات الفضائية..الخ

ـ الثقافة المعرفية: وتعني المنتجات المعنوية (الروحية والعقلية) بجميع تنوعاتها: تقاليد واعراف وقوانين ونصوص دينية واسطورية وعلمية وفنون وآداب ومعارف مختلفة من فلك وطب وغيره.. الخ
طبعا هذا التمييز منهجي، إذ في الواقع عموم (المنتجات الثقافية) هي خليطة(مادية ومعرفية): (البيت) يتكون من (جانب مادي) محسوس مثل الحيطان والابواب والاثاث، ولكن ايضا (جانب معنوي) غير مرأي لعب دورا اساسيا في تكوين البيت: معارف الهندسة والقياسات والرياضيات وفنون التجميل والتشجير.. الخ..

شروط (الحضارة)؟

CIVIL 3

يمكن تعريف(الحضارة) بانها هي نفسها(الثقافة)، ولكن على مستويات اكبر واعقد وارقى وأكثر في نتاجاتها المادية والمعرفية، وتشترط وجود الخواص التالية:
1ـ الحضارة تشترط وجود الكتابة: دون الكتابة لا يمكن تطوير اية ثقافة نحو الحضارة. فهي وحدها التي تساعد على تسجيل وحفظ المعارف وتراكمها ونقلها للاجيال لتضيف عليها وتطورها. لهذا فان الحضارة البشرية الاولى (الحضارة الشرقية الواحدة) بفروعها: العراقية والمصرية والشامية والقرطاجية، ما نشأت الّا بفضل اختراع الكتابة الصورية:(المسمارية العراقية والهيروغليفية المصرية) في الالف الرابع ق.م ، ثم بلغت ذروتها في اختراع الابجدية (السورية ـ الفينيقية) في الالف الثاني ق. م.

2ـ الحضارة تشترط ابتكار ( ثقافة مادية ومعرفية) جديدة لم تعرفها البشرية سابقا: مثلا (الحضارة الشرقية: بين 2500 ق.م ـ 500 ق.م)، ابتكرت نظام الدولة والمعبد والكتابة واولى المدن المخططة والاهرامات، والزقورات، والجيوش المنتظمة وتقنيات الزراعة والري، والقوانين المكتوبة والكثير من المنتجات الحرفية والفخاريات، بالاضافة الى الاديان المنظمة والقوانين وفنون النحت والموسيقى.. الخ. اما (الحضارة اليونانية ـ الرومانية: بين 500 ق.م 300 م) فقد طورت (معارف الحضارة الشرقية السابقة لها) وابتكرت وطورت خصوصا الفلسفة والمسرح والجغرافية والتاريخ والطب والفلك . ثم أعقبتها (الحضارة العربية الاسلامية) التي جمعت بين الميراثين الحضاريين الشرقي وااليوناني وطورتهما في مختلف المجالات المادية والمعرفية. وهي التي هيئت لأنبثاق (الحضارة الغربية: من 1700 م ـ وحتى ألآن) التي ابتكرت الثورة الصناعية التقنية وطورت الفنون والآداب ومختلف العلوم القديمة والجديدة..

3ـ الحضارة تشترط وجود امبراطورية عالمية او عدة دول قوية تشترك بنفس (العقيدة واللغة والثقافة): لان وجود دولة قوية شرط لضمان السلام الداخلي ومنع الغزوات الخارجية، وهذا اساسي لاستقرار المجتمع وغناه وقدرته على الابتكار المادي والعقلي. فمثلا ان (اليونان) كانت بعدة دول متصارعة ولكن (دولة اثينا) كانت هي المركز، ثم انبثقت(امبراطورية الاسكندر المقدوني القرن 4 ق.م) العالمية، التي نشرت عالميا (اللغة والثقافة وفلسفات اليونان). وكان آخر عواصم هذه الحضارة ليست في اليونان بل في مصر(الاسكندرية). اما (الرومان) فكانت لهم امبراطوريتهم البحر المتوسطية ولغتهم(اللاتينية وديانتهم) لكنهم عاشوا على الميراث اليوناني، ولم يضيفوا عليه سوى في مجالات القانون والمعمار وتنظيم الطرق والجيوش. (الصين) امبراطوريتهم و(لغتهم وعقديتهم الكونفوشسية والتاوية). (الهند)، ظلت بدول مختلفة ولكن مع(اللغة السنكسريتية والعقيدة الفيدية ـ الهندوسية). (الحضارة العربية الاسلامية) كانت بـ(امبراطورية اموية) ثم (عباسية) و(اندلسية)، ثم الى دول عديدة من الهند حتى الآندلس، تشترك بنفس الدين الاسلامي، مع العربية كلغة الثقافة والدين. اما (الحضارة الغربية الحالية) فهي كانت بعدة امبراطوريات اوربية: (انكليزية وفرنسية وهولندية وبلجيكية) ثم اخيرا (الامبراطورية الامريكية)، وكلها تشترك بعقيدة مقدسة هي:(الليبرالية: النظام البرلماني، وعبادة راس المال) مع ميراث مسيحي، ولغتها السائدة عموما هي (الانكليزية).

الامبراطورية والحضارة:  يتوجب التوضيح انه ليس كل الامبراطوريات انتجت حضارات، لموانع بيئة جغرافية وعقائدية، مثل امبراطوريات (ايران) و(الاناضول: بيزنطية ثم عثمانية) و(روسيا: القيصرية والشيوعية) و(المغول) وغيرها. ([9]) ان (امبراطوريات الفرس) ظلت تعيش على الميراث الحضاري العراقي، مع تأثيرات يونانية.(ايران قبل الاسلام كانت عاجزة حتى عن ابتكار كتابة خاصة بها، بل اقتبست الكتابة العراقية: المسمارية ثم الارامية، ولم تترك لنا اية نصوص ثقافية مكتوبة ولا اسماء معروفة، غير الملوك فقط)([10]). (امبراطورية البيزنط) ظلت تعيش على ميراث اليونان والرومان. الامبراطوريتان (العثمانية الاناضولية) و(الصفوية الايرانية) ظلتا تعيشان على الميراث الحضاري العربي الاسلامي. (امبراطورية المغول)، في قسمها (الصيني) تبنت الميراث الصيني، وفي قسمها(الهندي) تبنت الميراث العربي الاسلامي.

4ـ الحضارة تشترط أن تكون واسعة وتنتشر بين شعوب كثيرة، بسبب استيعابها لثقافات عديدة: اوضح مثال:(الحضارة الغربية الحالية)، حتى الامم المعارضة لها والمختلفة عنها سياسيا وثقافيا وتاريخيا، تبنت هذه الحضارة على حساب ميراثاتها وخصوصياتها التاريخية :(الامبراطورية السوفيتية الروسية) المعادية للغرب وعقديته الليبرالية، لم تنتبه الى ان (مقتلها) سيكون في (عقيدتها الشيوعية) نفسها، لأنها بكل بساطة عقيدة غربية بامتيار انتجها الغرب نفسه:(المانيا وفرنسا)، مما جعلها دون ان تدري حبيسة الاساس الحضاري الغربي، وهذا قد ادى حتميا الى سقوطها وتبنيها الصريح للحضارة الغربية. نفس الحتمية تحدث الآن في (الصين الشيوعية) التي لم تبق من ميراثها غير (لغتها) و(الطب الصيني التقليدي) ونظام(الحزب الواحد)، مع تبنيها التام لجميع تفاصيل الحضارة الغربية ماديا ومعرفيا. اما (اليابان) فهي مجرد فرع استنساخي متطرف وأهوج للحضارة الغربية. ناهيك عن جميع امم العالم في العصر الحديث، بما فيها الامم العربية والاسلامية، لا زالت تعيش على هامش الحضارة الغربية وتلهث وراءها لاسنساخها، مع محاولات فاشلة للابقاء على الغطاء الديني والشكلاني.([11])

5ـ الحضارة تشترط ان تكون تراكمية متصاعدة بالتقدم المادي والمعرفي: (الثقافة) يمكن ان تكون مستقلة عن سوابقها ومحلية ونتاج ظرفها الخاص، وليس من الضروي ان تكون على علاقة بالثقافات الاخرى او السابقة، مثال ثقافات الجماعات المنعزلة في الجبال والبوادي والجزر. اما (الحضارة) فهي اشبه بالمرحلة الدراسية الاعلى من مرحلة الحضارة التي سبقتها. أي انها يجب ان تستوعب الحضارات السابقة لها، ثم تضيف عليها وتطورها. (الحضارة اليونانية) قد استوعبت الحضارة الشرقية السابقة وتجاوزتها، ثم ورثتها:(الرومانية)، ثم (الحضارة العربية الاسلامية). أخيرا هاهي(الحضارة الغربية الحالية) قد استوعبت جميع الحضارات العالمية السابقة لها، وخصوصا التي سبقتها مباشرة أي(الحضارة العربية الاسلامية).

الحضارة العالمية الجديدة؟!

ان غايتنا من هذه الجردة السريعة جدا لتعريف التاريخ الحضاري للبشرية، دعوة نخب امم العالم العربي، بمختلف ميولهم وتياراتهم، دينية وحداثية، افراد ومؤسسات، الى الاعتماد على رؤية تاريخية وثقافية شمولية تتجاوز النقد السياسي الشعاراتي، وهوس المقارنة التعسفية وجلد الذات دينيا وحداثيا. وان ندرك قبل كل شيء هذه الحقيقة التاريخية الهامة جدا:

ان موقع بلداننا الجغرافي المركزي في العالم القديم(وسط القارات الثلاث الكبرى)، قد حتم على اسلافنا صنع اعظم حضارتين في تاريخ البشرية: (الشرقية) ثم (العربية الاسلامية)، وانتاج ثلاثة من بين اهم الاديان: اليهودية والمسيحية والاسلام. ولعله مرة اخرى الآن، يحتم علينا موقعنا الاسهام الفعال بتطوير مشروع (الحضارة العالمية الجديدة). أي تطوير منضومة ثقافية:(مادية ومعرفية) جديدة اكثر انسانية وموائمة لنا وللبشرية جمعاء.

توضيحات:

ـ لماذا: الحضــارة العربيـــة الاسلاميـــة؟
نحن ابدا لا نقصد المعنى القومي العرقي، بل ساهمت بصنعها مختلف شعوب الخلافة من الاندلس ومرورا بشمال افريقيا ومصر والشام والعراق والجزيرة حتى ايران وتركستان والهند:
عرب سريان اقباط بربر اسبان فرس اكراد تركستان هنود، افارقة.. الخ..
لكنها تستحق تسمية:
(الحضارة العربيــة الاسلاميــة)
لانها بكل بساطة:
1ـ ناطقة ومكتوبة بالعربيــة
2 ـ وان الاســلام عقيدة الغالبية الساحقة لمبدعيها، مع المسيحيين واليهود وغيرهم..
مثلما نقول : الحضارة اليونانيــة
لانها ناطقة باليونانية رغم ان جميع شعوب البحر المتوسط والشرق قد ساهمت بها. بل عاصمتها الحضارية الاخيرة كانت في مصــر: الاسكندريــة!
نفس الحال الحضارة الرومانيـــة ، والآن الحضارة الغربيـــة..

من هي شعوب الشرق؟
نقصد بـ(شعوب الشرق)، الشعوب التي تقطن على جانب (الضفة الشرقية) من البحر المتوسط، اي ما يسمى بـ( العالم العربي) الحالي. وهي مثل (قارة اوربا) المقابلة، قد فرضت عليها (الوحدة الجغرافية) نوعا من (الوحدة الثقافية ـ الحضارية والبشرية)، ولكنها ليست كافية لفرض (الوحدة السياسية)...

[1] ـ قال (ابن خلدون): ان الحضارلا تظهر إلا في المدن والقرى، وأنها غاية العمران وأنها تتصل (بالتفنين في الترف واستجادة أحواله والكلف بالصنائع التي تؤنق من أصنافه وسائر فنونه): المقدمة: فصل ص 465 .. وقد ميز بين (البدو): "يعيشون في الجبال والقفار وأطراف الرمال". و(الحضر) "أولئك الذين يعيشون بالأمصار والمدن" المقدمة/ ص 32

[2] ـ من امثلة الخلط بين المفهومين، – كما لدى تايلور- وهناك من جعل (الحضارة) بمعنى التطور المادي مثل الألمان.. وهناك من اعتبرها شمولية لكل جوانب التقدم، مثل الفرنسيين.. طرف آخر حصر التحضر بما هو خاص بالفرد، او اعتبره شاملاً للجميع.

طالع بالفرنسي، ثم بالانكليزي:

-Culture et civilisation/ universalis.fr

- Civilization and Culture: A Contribution Toward Analysis of the Mechanism of Culture/ Richard C. Thurnwald/ American Sociological Review/ Vol. 1, No. 3 (Jun., 1936), pp. 387-395 (9 pages)

[3]ـ في كتاب(صدام الحضارات: صموئيل هنتغتون) تحدث عن وجود تسع حضارت كبرى في العالم الحالي، وهي في اعتقادنا ليست (حضارات) بل(ثقفات او فروع للحضارة الغربية الوحدية السائدة):

   الصينية: الثقافة المشتركة بين الصين والمجتمعات الصينية في جنوب شرق آسيا، تشمل فيتنام وكوريا.

   اليابانية: الثقافة اليابانية تختلف اختلافا واضحا عن بقية آسيا.

   الهندوسية: حددت بأنها الحضارة الهندية الأساسية.

   الإسلامية: نشأت في شبه الجزيرة العربية، ومنتشرة في جميع أنحاء شمال إفريقيا وشبه الجزيرة الإيبيرية وآسيا الوسطى، والعربية والتركية والفارسية والماليزية هي من بين العديد من التقسيمات الفرعية المتميزة داخل الإسلام.

   الأرثوذكسية: تتمركز في روسيا، ومنفصلة عن المسيحية الغربية.

   الغربية: تتمركز في أوروبا وأمريكا الشمالية.

   أمريكا اللاتينية: غالبية الدول ذات غالبية كاثوليكية.

   الأفريقية: تنتشر في أفريقيا جنوب الصحراء. تتميز هذه الثقافة الأفريقية بإستجابات معقدة تجاه الإستعمار والإمبريالية الأوروبية. بدءاً من أواخر التسعينات من القرن الماضي يحاول الأفارقة تأكيد هويتهم الخاصة. تشترك شعوب هذه الحضارة بذاكرة ثقافية خاصة.

البوذية: تنتشر في تايلندا، وكمبوديا، ولاوس، وبورما، وسريلانكا، وبوتان، ومنغوليا.عدد من دول الهند الصينية. حيث أن مركزية هذه الحضارة هي تعاليم وتراث بوذا والديانة البوذية ومذاهبها تيرافادا وهينايانا.

المصدر: الجزء الاول من الكتاب.

[4] ـ ابحث عن عنوان: (لغات العالم) و(لغات العالم المكتوبة).. حول هذا الموضوع هنالك مواضيع عديدة بالعربية وغيرها.

[5] ـ عن ما يسمى حضارات هنود امريكا، ابحث عن: (عصر قبل كولومبي)( Pre-Columbian era)

[6] ـ ابحث عن عنوان(تاريخ الإنترنت) ومنها في ويكيببديا

[7] ـ حول معنى(الثقافة) هنالك دارسات عديدة جدالية حول الموضوع، طالع مثلا:
- Emerald Street : A History of Hip Hop in Seattle/ Daudi Abe/ Foreword by Sir Mix-A-Lot

-         Generous Betrayal/ Politics of Culture in the New Europe

-         Culture :The Anthropologists’ Account/ Adam Kuper

(en) « L’Échec culturel » [archive], sur www.peterlang.com, 28 janvier 2015 (consulté le 2 janvier 2019)

[8] ـ حول(ثقافة الحيوان)!؟ هنالك بعض العلماء الذين بأسم محبة واحترام الحيوانات، يصرون على مساواتهم بالبشر، و(إن البشر حيوان ناطق، لا أكثر). لهذا تراهم يقولون بأن (الحيوانات الراقية مثل الشمبانزي، لها ثقافة)!؟ وهذا الاتجاه لدى العلماء أطلق عليه:

(Animal culture).

[9] ـ ان التقدم الحضاري، ليس له علاقة بمستوى الذكاء، لان الدول والامبراطوريات تحتاج اساسا الى (ذكاء ارضي عملي واداري وعسكري)، اما التقدم الحضاري فيحتاج اساسا الى (ذكاء متسامي مخيالي). لهذا فان جميع الحضارات، مثل الحضارة العربية الاسلامية، وآخرها (الحضارة الغربية الحالية) نشأت في(السهول وعلى شواطئ البحار). اما الهضاب والجبال مثل الهضبة الايرانية والاناضولية وغيرها، فتساعد على انشاء الدول والامبراطوريات العملية الادراية.

[10] ـ عن ايران قبل الاسلام طالع مثلا دراساتنا المنشورية: (جميع الامبراطوريات الايرانية، بدأت ثم انتهت في العراق!/ سليم مطر) و(كفاح اهل العراق، قبل الاسلام، ضد الاحتلال الفارسي المجوسي!/ سليم مطر)، و(الشخصية العراقية والشخصية الايرانية،

العُشــــق الدامــــي!/ سليم مطر)، و(الميديون، وإكذوبة الحضارة الايرانية (الكردية؟!/ سليم مطر)

[11] ـ من اكثر الامثلة طرافة على مدى الانمساخ في الثقافة الاسلامية السائدة ومدى تبعيتها للحضارة الغربية، ان تجد سيدة اسلامية سلفية منقبة، لكنها تحت ترتدي اتعس الملابس الداخلية الغربية وتأكل اسوء الاطعمة الكيمياوية، وتمارس جميع عمليات التجميل والقطع والنفخ والتشويه الكوميدي لوجهها وجسمها، من اجل ارضاء (بعلها) السلفي!؟
لمعرفة المزيد عن: مازق الثقافة الاسلامية، ابحث عن موضوعنا: ( سليم مطر:
من اجل إسلام حقيقي روحاني وإنساني:مقترحات لاصلاح الاسلام والعودة الى جوهره الانساني..)