لماذا نجح الفتح العربي الاسلامي بـتأسيس اكبر امبراطورية

واعظم حضارة عربية اسلامية... ولما ذا فشل الفتح السعودي

الوهابي واسس اكبر كارثة وأعظم انحطاط عربي اسلامي؟!!

ـ ما الفرق بين اسلام الحجاز ومكة، ووهابية نجد والدرعية؟
ـ ماالفرق بين علاقة الاسلام الاول بالمسيحية المشرقية، وعلاقة الوهابية بالبروتستاتية الانكليزية ـ الامريكية؟

ان الشيخ (محمد عبد الوهاب) (1703م - 1791م) مؤسس المذهب الوهابي 18، مهما اختلفنا معه، فانه كان مثل جميع رجال التاريخ الكبار، يحمل مشروعا اصلاحيا نقيا وحلما كبيرا بانقاذ المسلمين وخصوصا العرب، من انحطاطهم وتشرذمهم واعادة مجدهم الغابر.

فلماذا فشل مشروعه، بينما نجح مشروع (النبي محمد، ص) والمسلمين الاوائل؟     

       

                            التشابه والاختلاف بين الاسلام الاول والوهابية

هنالك تشابهان اساسيان مع اختلافين في نفس الوقت، بين الحركة الاسلامية الاولى زمن النبي والخلفاء، والحركة الوهابية:

1 ـ ان الاسلام نشأ في الجزيرة العربية ، ولكن في قسمها الاكثر تحضرا، أي في (الحجاز) في اهم مدينتين عريقتين : مكة والمدينة. انه وليد مجتمعات تجارية مرتبطة مباشرة بمجتمعات المشرق الشامي العراقي المصري، وتضم اديانا مختلفة من مسيحية ويهودية ومانوية بالاضافة الى عقيدة( اللات وعزة وهبل).

كذلك الوهابية نشأت في الجزيرة العربية، ولكن ولكن، ليس في (الحجاز) المتحضر، بل في واحات  وسط اكثر منطاق الجزيرة بداوة وتصحرا أي (نجد ـ محافظة الدرعية حاليا) بمجتمعها البدوي وشبه البدوي المنعزل جغرافيا حتى عن باقي مجتمعات الجزيرة، ويحمل روحا زهدية سلبية ضد كل ما هو حضاري وحياتي ومختلف

حي الطريف في محافظة الدرعية، والذي كان اول عاصمة للدولة السعودية. في سنة 2010، أعتبرته اليونسكوا موقع تراث عالمي

2 ـ ان الاسلام الاول نشأ في عصر كان يسود فيه الانحطاط والتشرذم عالمنا الشرقي( أي العربي الحالي)، فجميع بلدانه الواقعة على ضفاف المتوسط، من سوريا الى شمال افريقيا، كانت منذ قرون تحت سيطرة الدولة البيزنطية المسيحية وعاصمتها (القسطنطينية) أي (اسطنبول) الحالية. ورغم ان غالبية اسلافنا من سكان منطقتنا الحالية، كانوا ايضا مسيحيين، الا انهم ظلوا ينتمون لمذاهب وكنائس مسيحية خاصة بهم (قبطية ويعقوبية ونسطورية وايروسية ودوناتية) متمردة على مذهب البيزنط المهيمنين ومذهب روما الكاثوليكي. العراق وحده كان تحت سيطرة الامبراطورية الفارسية المنافسة للبيزنط، والتي كانت تمتد من ضفاف فرات حتى حدود الهند والصين. وكان العراقيون بقيادة (كنيسة بابل) النسطورية في حالة ثورة دائمة ضد الهيمنة الفارسية المجوسية.

 

كذلك الوهابية التي نشأت في منذ اكثر من قرنين ونجحت بتأسيس (دولة نجد) في مدينة(الدرعية) بقيادة (آل سعود) التي امتدت لتشمل غالبية الجزيرة والحجاز كله، من ضفاف الخليج حتى ضفاف البحر الاحمر. وكما نعرف جميعا ان عصرنا منذ عدة قرون، شبيه بالعصر الذي انبثق فيه الاسلام الاول، ايضا عصر ظلام وانحطاط وسيطرة استعمارية اجنبية(اوربية).

                    كيف حققت الوهابية السعودية ما يناقض تماما الاسلام الاول!

من سوء حظنا ان عقيدة الوهابية السعودية، رغم نجاحها بتأسيس دولة سعودية حديثة، وتمكنها من الانتشار بين العرب والمسلمين بفضل اموال البترول، ظلت حبيسة جذورها النجدية البدوية الزهدية المتعصبة، ولم تمتلك روح الاسلام الاول الحجازية المتحضرة والمتفتحة. بل هنالك شهادات موثقة كثيرا تخبر عن حقد كبير يحمله مؤسسوا الدولة السعودية ضد اهل (الحجاز) واهل (مكة) بالذات ويتهمونهم بالانحلال لانهم على المذهبين المالكي والشافعي. وحتى الآن فان المذهب الوهابي لا يمثل اكثر من ثلث سكان المملكة ويتمركز فقط في منطقة نجد.

بسبب جذورها البدوية الزهدية، قامت الدولة السعودية بارتكاب خطيأتين كبيرتين بصورة مناقضة تماما تماما لما قام به الاسلام الاول الحجازي المتحضر:

1ـ ان الاسلام الاول قام على اساس الرفض والعداء للامبراطوريتين الاستعماريتين المهيمنتين على منطقتنا: الفارسية والبيزنطية. وقام الفاتحون العرب المسلمون بتأسيس امبراطوريتهم في (دمشق) ثم في (بغداد) على حطام هاتين الامبراطورتين.

بينما الوهابية السعودية، ما نشات وامتدت ولا زالت، يستحيل عليها البقاء دون التبعية التامة للامبراطوريات الاستعمارية الحاكمة، اولها الانكليزية، ثم الامريكية منذ الحرب العالمية الثانية وحتى الآن. فهم مثلا ما تمكنوا من اسقاط (مملكة الحجاز) عام 1925 والتي تأسست عام 1916 وكانت عضوا في عصبة الامم المتحدة، لولا دور الانكليز الذين اجبروا العائلة الشريفة الحاكمة في العراق والاردن على السكوت عن مملكتهم وعاصمتهم (مكة) المغتصبة.

ـ ان المسلمين الاوائل، تماما تماما على عكس السعوديين الوهابيين، إذ تحالفوا منذ البداية مع شعوب منطقتنا وتقبلوا ميراثهم الحضاري المسيحي واستفادوا منهم لتشييد اعظم حضارة عربية اسلامية. ليس صدفة ان النبي محمد قد تزوج (ماريا القبطية) وان (بحيرة الراهب) اول من بشر النبي بقدسيته. وان القرآن الكريم احتفى واحترم المسيحية خصوصا ثم اليهودية، رغم نقده لهما ايضا. وان (معاوية بن ابي سفيان)، اول امبراطور عربي مسلم، قرب المسيحيين واعتمد عليهم ببناء دولته الوليدة. فتعمد الزواج من مسيحية سورية(ميسون) وانجب منها ولده (يزيد). كما شغل المسيحيون وظائف هامة، فكان منهم الأطباء والوزراء والشعراء، مثل (الطبيب ابن أثال) الذي اصبح عاملاً على ولاية (حمص)، وكبار وزائه (إبن سرجيون) و(سعيد بن ثابت)، وشاعره الاول (الأخطل المسيحي). بل اعتمد معاوية على الحرفيين المسيحين لبناء الجامع الأموي الكبير الذي كان جزءا من كنيسة مسيحية. واستمر هذا التقليد بالانفتاح على جميع المذاهب والاديان(خصوصا المسيحيين واليهود) في غالبية العصور الحضارية، الاموية والعباسية والاندلسية والفاطمية، بل استمر حتى لدى العثمانيين، إذ ظلت (اسطنبول) عاصمة الخلافة حتى نهاية العثمانيين، ما يقارب نصف سكانها مسيحيين!!

اما السعودية الوهابية فقامت باستنساخ التجربة البروتستانية الداعية الى تنقية المسيحية من شوائب الكاثولية وتقديس البابوات والشكليات وايقونات وتماثيل المسيحية. ويبدو ان (الامام عبد الوهاب) قد تعرف على المبشرين الانكليز البروتستان اثناء دراسته في مدينة البصرة العراقية. وقد طبق هذه البروتستانية الانكليزية على طريقته البدائية ومجتمعه شبه البدوي المنعزل، فكانت اولى واعظم انجازات الوهابية: تكفير جميع المذاهب الاسلامية غير للوهابية واعتبارها مسكونة بالبدع، ولا زال حتى الآن يمنع اهل السنّة من الاحتفال بـ(المولد النبوي) باعتباره بدعة!! وتم تهديم جميع القباب بما فيها مسجد قبر النبي وقبور الصحابة، وقطع جميع الاشجار التي يتفيأ بها الناس خوفا من عبادتها. وختمتها بالتخريب الوحشي والارهابي لكل ما هو حضاري وانساني من قبل تنظيمات الوهابية الارهابية(القاعدة وداعش). في نفس الوقت على اراضي الممكلة تمتلك القواعد الامريكية وشركات النفط مدنا خاصة بها تعيش على آخر نمط الحياة الغربية؟؟؟؟!!!!

تدمير الاثار في نينوي ـ العراق من قبل وهابية قطر والسعودية

لهذا انتهت الوهابية السعودية الى نتيجة معاكسة تماما لما قام به الاسلام الاول، وما لم يحلم به ابدا (الامام محمد عبد الوهاب): ان تتحول عقيدته لانقاذ المسلمين الى وسيلة استعمارية امريكية ارهابية لتدمير الاسلام والمسلمين ونشر الانحطاط وهدر المليارات لشراء الاسلحة الامريكية المستهلكة، على حساب تشريد العرب والمسلمين بحروب الارهاب في العراق وليبا وسوريا واليمن، واذالال شعوبنا وتشويه سمعتنا من خلال تنظيمي (القاعدة وداعش) الوهابيين .

                                              ماهو المطلوب؟

   نحن بحاجة الى تيار ومشروع جديد، يستفيد من تجربه الاسلام الاول، دون تكرار اصولي وسلفي متعصب يأخذ القشور ويتعامى عن الجوهر. أي فكر وطني حقيقي واصيل يتحلى بهاتين الصفتين التي تحلى بهما اسلافنا المسلمين الاوائل:

1ـ ان يعادي الاستعمار ولكن بذكاء وحنكة دون تهور وشعارات جوفاء عنفية وحقودة تخدم المستعمرين وتدمرنا نحن. يعني باختصار كيف نستفيد من شعوب الغرب وحضارتهم بشكل سلمي وانساني، دون الخنوع لهم وتقليدهم مثل حيوانات السيرك مع مدربيها.

2ـ ان يتقبل ويحترم ويستفيد من التنوعات في مجتمعاتنا، الفكرية والدينية والمذهبية والثقافية واللغوية. أي محاولة ايجاد نظام وطني يكون بنفس الوقت مركزيا من الناحية السياسية والمبدأية، وتعدديا من الناحية الثقافية والعقائدية. نظام يتجنب بنفس الوقت (الدكتاتورية الرعناء)، وكذلك ما يسمى بـ(الديمقراطية الغربية) التي تستفيد منها القوى الاستعمارية لبث الانحلال في مجتمعاتنا وشراء ذمم نخبنا واشعال الصراعات بيننا.

   لعلنا مثلا مثلا، نستفيد من دراسة بعض التجارب ببناء الدولة المركزية المستقرة مثل الصين وروسيا وايران، اعني طريقتهم بالحكم وليس عقائدهم .

لمزيد من المعلومات:

ـ عن حقيقة المؤامرة الامريكية وتحالفها مع الوهابية، وخلاصة افكارنا، طالع ملحق كتابنا:

http://www.salim.mesopot.com/images/stories/books/pdf/os_4.pdf

ـ عن العلاقة بين الوهابية والبروتستانية، طالع:

 http://www.arabtimes.com/portal/article_display.cfm?ArticleID=31267

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=359138

اما عن نشوء الدولة السعودية: يكفي وضع هذه الاسماء في المبحث حتى تظهر كميات لا تحصى من المقالات والافلام.

ـ عن مملكة الحجاز المغتصبة، طالع:

ـ فلم قصير: https://www.youtube.com/watch?v=1Kd_OarsgiA

ـ موقع مهم جدا خاص بالحجاز: https://www.alhejaz.org/

ـ كذلك مقال وكيبيديا:

https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D9%85%D9%84%D9%83%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%AC%D8%A7%D8%B2

ـ عن المسيحية الشرقية قبل الاسلام، طالع كتابنا (الذات الجريحة) ابتداءا من صفحة 256:

http://www.salim.mesopot.com/images/stories/books/pdf/that_5.pdf

   كذلك عن علاقة المسلمين الاوائل بالمسيحيين:

http://www.q8baqer.com/ArticleInfo.aspx?ID=1372

ـ كذلك طالع مقالة وكيبيديا: تأثير المسيحيين في الحضارة الإسلامية