الدور الامريكي في الصراع الطائفي في الشرق الاوسط!

                        لماذا العراق مركز هذا الصراع؟                            

غلاف المنظمات السرية الاصلي 1

حقيقة التوافق السري (الايراني ـ السعودي ـ التركي) مع امريكا؟
ـ لماذا ايران:  اشد اعداء شيعة العراق؟
ـ لماذا السعودية: اشد اعداء سنّة العراق؟

 

سليم مطر ـ جنيف

 

لتفهم وضع العراق وعموم الشرق الاوسط، يتوجب التذكير بهذه الامور:

ـ يمكن تشبيه العراق ببحيرة تصب فيها انهار الشرق الاوسط، الحضارية والدينية والسياسية والسكانية. من يتمعن بخارطة الشرق الاوسط يشاهد بوضوح ان العراق يقع في وسط الاقطاب الحضارية والقومية والدينية المؤثرة منذ فجر التاريخ: ايران، والاناضول(تركيا حاليا)، والجزيرة العربية(السعودية حاليا)، والشام (سوريا الطبيعية). طيلة التاريخ ظل العراق مركز استقطاب واجتياح وهجرات وصراعات هذه الاقطاب المحيطة المختلفة. وهذا سر احتواء تاريخ العراق على هذا الكم العجيب من الحضارات والعواصم الامبراطورية التي تحكمت في المنطقة، من سومر وبابل ونينوى والمدائن الى بغداد العباسية.

ـ خلال تسعة قرون ظل التشيع محصورا بعرب العراق ولبنان والخليج. وبقيت ايران بغالبية ساحقة سنية طيلة هذه القرون. ولكن في عام 1500 سيطر الصفويون العلويون (وهم اتراك آذربيجانيون) على الحكم في ايران، واجبروا الايرانيين بقوة السيف على ترك مذاهبهم السنية والتحول الى شيعة. وقد استعانوا بذلك بفقهاء شيعة العراق ولبنان والخليج. وبهذا تحولت ايران الى شيعية، بل اكبر دولة شيعية، وتتحكم سياسيا بمصير الشيعة.

ـ منذ ذلك الحين، دخل الخلاف (الشيعي ـ السني) مرحلة جديدة اكثر تطرفا وحقدا ومذهبية، بسبب اندلاع الصراع الوحشي بين الدولتين: الايرانية(التركية الصفوية الشيعية) والعثمانية(التركية السنية). كل طرف يؤجج العداء بين انصاره وشيوخه ضد الطرف الآخر. وقد عان العراقيون(سنة وشيعة) الاهوال والمذابح بسبب الصراع الايراني العثماني. خلال اربعة قرون، كل دولة تنجح بين حين وآخر باجتياح العراق والشروع بالانتقام والمذابح والسبي ضد طائفة الطرف الآخر.

ـ في العصر الحديث اخذ الصراع الشيعي ـ السني، بعدا جديدا بسبب بروز (الوهابية) في بادية نجد، ونجاح (عشيرة السعود الوهابية) وبدعم انكليزي ثم امريكي، باسقاط (دولة الحجاز الهاشمية) (المالكية ـ الشافعية)، وفرض استعمارهم ايضا على المنطقة الشرقية(الشيعية).

بالحقيقة ان الوهابية يكرهون ويكفّرون عموم السنّة، وخصوصا سنّة العراق اكثر من شيعته، بسبب خوفهم التاريخي من النفوذ الديني والسياسي لسنّة العراق(وسوريا). ان الوهابية لن ينسوا ابدا (الحكم السنّي الهاشمي) في العراق الذي كان من اشد اعداء الوهابيين. وان حكم (البعث وصدام السنّي) هو الذي قرر اجتياح السعودية بعد الكويت لاسقاط الوهابيين وارجاع حكم الهاشميين الى (الحجاز) بالاتفاق مع (ملك الاردن الهاشمي).    

ـ اما (ايران) التي تدعي تمثيل الشيعة، فانها في الحقيقة من اشد اعداء(شيعة العراق).. لماذا؟! لان ايران تعاني من (عقدة نقص) جبارة إزاء شيعة العراق بسبب امتلاكهم اول واكبر واهم حاضرتين مقدستين شيعيتين: (النجف)، وفيها مرقد(الامام علي) ومقر (المرجعية الشيعية العليا) في العالم. كذلك (كربلاء) وهي مرقد (الامام الحسين) واخوته. بالاضافة الى وجود غالبية مراقد ائمة الشيعة في العراق. وهذا الوضع يجعل (ايران) رغما عنها تابعة ومرتبطة(دينيا) بالعراق ومحرومة من ان تكون المركز الروحي الديني لشيعة العالم. لهذا فان (ايران) بذلت وتبذل المستحيل من اجل فرض سيطرتها على العراق واضعافه وجعله تابعا مسكينا.

وقد بلغ الامر بايران انها وافقت على التحالف مع غريمتها امريكا من اجل اسقاط (صدام حسين) وجلب اسوء وافسد قيادات الشيعة لحكم العراق. في تاريخ العراق كله، لم يعان شيعة العراق من الفقر والاذلال والعنصرية والارهاب مثلما عانوه ويعانوه اثناء حكم قادتهم الحاليين من اتباع ايران!!

ـ اما تركيا، فان عدائها للعراق(ولسوريا) معروفا وموروثا من التاريخ العثماني، بالاضافة الى احلامهم بالاستيلاء على (الموصل) وعموم شمال العراق. يضاف الى خوف تركيا من بروز العراق الحضاري والسياسي المنافس للنفوذ التركي في المنطقة. كذلك تأثير المشكلة الكردية.

ـ بسبب هذا العداء المشترك ضد العراق(وضد سوريا ايضا)، من قبل القوى الاقليمية المحيطة، فقد حصل قبل عام 2003 توافق مشترك مع امريكا، لتقاسم النفوذ في العراق كل على جماعة(الاكراد والشيعة والسنة): ايران لها ميليشيات وحرامية الشيعة. السعودية لها ارهابيّ وحرامية السنّة(القاعدة ثم داعش). وتركيا لها عنصرييّ وحرامية الاكراد.

فهل اميركا من السذاجة ان تسلم حكومة بغداد للميليشيات الشيعية العراقية القادمة من ايران وبموافقة ايرانية؟ وهل هي صدفة ان يدعم وهابيوا السعودية وقطر (القاعدة ثم داعش) رغم وجود اكبر القواعد العسكرية الامريكية في هذين البلدين؟ كذلك الحال بالنسبة لتركيا التي هي عضو فعال في الحلف الاطلسي!!

ان الغاية الاساسية من هذا التوافق (الايراني ـ السعودي ـ التركي) مع امريكا:

ـ ان يبقى العراق(كذلك سوريا) ضعيفا فقيرا مخربا، لتحصل هذه الدول على الأمان وراحة البال، لأن العراق اصبح شبحا مسكينا ممزقا ولم يعد منافسا مزعجا لها.

اما امريكا فهي اكثر ذكاءا وشيطانية، لا نها تربح اقتصاديا واستراتجيا:

ـ فهي اولا تربح البترول العراقي والخليجي.

ـ وبنفس الوقت تحقق غايتها الاستراتيجية التاريخية:

ابقاء الشرق الاوسط ضعيفا ممزقا، والاسلام منقسما محتضرا ينهشه الحقد والارهاب والتعصب. أما (اسرائيل) فهي وحدها تبقى واحة الديمقراطية والحضارة!

لمزيد من المعلومات، طالعوا كتابنا : المنظمات السرية التي تقود العالم:

http://www.salim.mesopot.com/index.php/hide-books/59-2016-11-29-13-16-21