فكر

                                             من اجل اسلام عراقي

سليم مطر ـ جنيف

 

صحيح نحن لسنا بمتخصصين في الشأن الاسلامي، لكن انتمائنا للهوية العراقية وايماننا بوحدة الامة العراقية، يجعلنا بالضرورة ننتمي الى الاسلام العراقي، لانه بكل بساطة دين اكثر من 90% من العراقيين. ثم ان هذا الاسلام ليس ديناً طارءاً ولم ينتشر منذ بضعة سنوات، بل هو دين العراقيين منذ أكثر من 14 قرن، وقد لعب فيه العراقيون الدور الحضاري والسياسي الاول والاكبر. فعلى سبيل الخيال، نفترض أننا قررنا حذف تسميتي ( العراق وبغداد) من تاريخ الاسلام، لاضطررنا أن نحذف على الاقل 50% من الابداع الحضاري والفعل السياسي من تاريخ الاسلام. بكل تواضع وانسانية حيادية، يحق القول، بأن الاسلام من دون العراق والعراقيين ما كان يمكن أن يبلغ هذا الشأن العالمي وهذا الغنى الحضاري. حتى المبدعين الذين ما كانوا من أصول عراقية، فأنهم لولا أهل العراق وحضارة بغداد، ما كان يمكنهم الابداع ابداً.


ثم ان هذا الاسهام العراقي في الاسلام، لم يكن اسهاما لطائفة أولفئة معينة، بل ساهم فيه جميع العراقيين من مختلف الأصول العرقية والدينية والمناطقية. يكفي القول ان المسيحيين العراقيين قد لعبوا الدور الحاسم في نقل العقل الاسلامي الى المستوى العلمي والفلسفي من خلال ترجماتهم الفكرية من اللغة السريانية العراقية بالاضافة الى اللغة اليونانية. ولنا أسماء لمبدعين كبار مثل حنين بن اسحاق، ابن الحيرة الاصيل( النجف). ولا يمكن فصل الاسهام العراقي في الحضارة العربية الاسلامية، عن الميراث النهراني المتراكم لحوالي أربعة آلاف عام، من سومر وبابل وآشور، بالاضافة الى الميراث الآرامي المسيحي الذي نشأ  الأسلام العراقي مباشرة في احضانه.


ان المسألة المهمة في هذا الاسلام العراقي، ان المذهبين الاساسيين في الاسلام، التشيع والتسنن، ما كانا من صنع خارجي، بل ان العقل العراقي وتطور الاوضاع في تلك الحقبة، هو الذي أنتج هذه المذاهب. فالمذاهب السنية، مثل الاشعرية والحنفية والحنبلية(كذلك الاباضية)، نشأت في العراق. نفس الحال بالنسبة للمذاهب الشيعية، مثل الجعفرية والاسماعيلية والزيدية والنصيرية، أيضا ً نشأت في العراق. بالاضافة الى ابداعات الفكر والتصوف العراقي، مثل اخوان الصفا والمعتزلة والقادرية وغيرها الكثير. ناهيك عن المجالات الاخرى في الابداع الحضاري البعيدة بصورة ما عن الدين، في اللغة والادب والفلسفة ومختلف الفنون والازدهار الحضاري التي دخلت ضمن ما سمي بالحضارة العربية الاسلامية.
بعد كل هذا، الا يحق لنا ان نتحدث عن(اسلام عراقي)؟


نقول (اسلام عراقي) بالمعنى الانساني الحضاري للكلمة، وليس بالمعنى الديني العقائدي المحدود. اسلام وطني، يشعر بالانتماء اليه العربي والكردي والتركماني والسرياني، كذلك الشيعي والسني، بل حتى العراقي غير المسلم، سواء اللا متدين، كذلك المسيحي والصابئي واليزيدي. فأن الدين بالنسبة لنا هو ثقافة وحضارة وهوية، قبل ان يكون ايمان وعقيدة ومذهب.

 

مسخ الميراث العراقي
لكن (سوء حظ) العراقيين، وسر طامتهم الكبرى، إن جميع النخب العراقية، الدينية الشيعية والسنية، بالاضافة الى النخب الحداثية، قد اتفقت على نقطة أساسية عجيبة وخطيرة:
محاربة الميراث الحضاري العراقي والتنكر لدور العراقيين!!
قد يبدو مثل هذا الكلام غريبا وشاذا، لكن كما يقال( الحقيقة أغرب من الخيال). هذا هو الحاصل فعلا ومن دون أية مبالغة:


ـ أهل الحداثة، من يساريين وليبراليين، بكل بساطة شطبوا على كل الاسلام، سواء العراقي منه أوغير العراقي. فهم اعتبروا الاسلام سبباً لتخلفنا ورجعيتنا وانحطاطنا، واشاعوا بيننا اسطورة (تقدمية) لا زالت رائجة حتى الآن، بأنه يكفي تخلينا عن الاسلام وتبني الالحاد والعلمانية، حتى تهبط علينا ملائكة الحداثة والتقدم وتشيع بيننا الازدهار والحضارة مثل( أشقائنا الاوروبيين)! واذا تطرق الحداثي للاسلام، فأنه لا يتحدث الا عن (الثورات الطبقية) مثل ثورة القرامطة الزنج، وكذلك مذابح المثقفين والسجون والفساد والتعصب والحروب. وتفهم من خلال كلام صاحبنا التقدمي، ان التاريخ الاوروبي، كان دائماً هو الارقى والاحسن والاكثر حضارية، من هذا(التخلف والتعصب الاسلامي)!


ـ أهل التشيع، بأسم ما يسمى بـ (مظلومية أهل البيت) اعتبروا قرون الازدهار الحضاري الاسلامي العراقي،( العصرين الاموي والعباسي)، أي منذ مقتل الامام علي(ع) في الكوفة ثم واقعة كربلاء حتى سقوط بغداد بعد ستة قرون، عبارة عن صراع لا ينتهي بين (أهل البيت) و(الحكام الظالمين). هكذا بكل بساطة وتعسف اعتبروا هذا الجزء الصغير من التاريخ الاسلامي، الذي لا يشكل حتى 5% من تاريخه، هو الكل والكلية، وشطبوا على كل ما تبقى من التاريخ الحضاري والانساني لكي تبقى صورة المظلومية هي المهيمنة تماما على المشهد التاريخي. وعندما تسأل الشيعي الشعبي والمؤمن عن تاريخ الاسلام، فسوف تصدم بأنه لا يرى من تاريخ هذه القرون الطويلة سوى (مظالم أهل البيت). ويبدو له كما لو ان العراق وخصوصا بغداد، كان خلال تلك القرون عبارة عن سوح مطاردة للعلويين، وان الخلفاء العباسيين(العراقيين) مع أتباعهم، كانوا وحوش فساق قتلة لا يختلفون عن صدام، يمضون ليلهم ونهارهم في التآمر على العلويين وتنفيذ الدسائس والمذابح بحقهم!


ـ أما أهل السنة، فلحسن حظهم، قد وجدوا حجتهم(العقلانية جداً!) لمشاركة باقي اخوتهم العراقيين، في تدمير التاريخ الاسلامي العراقي وتشويهه والتنكر له. وقد اشتركت عدة عوامل في (الهام) سنة العراق هذا الاكتشاف التاريخي. كان على رأسها تأثير النظرة الطائفية الساذجة التي مزجت، من ناحية بين(السنة والعروبة)، ومن ناحية ثانية بين(التشيع والفرس)! ولقد لعب أخوتنا المؤرخون المصريون الدور الحاسم في هذا التشويه، لمعاناتهم من تلك الغيرة الوطنية المعروفة بسبب عظمة الدور العراقي بصنع الحضارة العربية الاسلامية وضآلة الدور المصري. مع اعتزازنا الكبير بثقافة ومثقفي مصر، الاّ أن هذه حقيقة مؤلمة ومعروفة تتمثل بغيرتهم من كل ما هو ابداع متميز لدى العراقين والشاميين، ويفضلون دائما أن يحتسبوه على الاتراك والفرس واليونان والهنود. لهذا أصروا بدهاء وقسوة على سلخ (عراقية) كل المبدعين العراقيين واحتسابهم على (الشعوبيين والموالي الاعاجم الفرس)! هكذا اذا، باسم (النقاء العروبي) و(التعصب الطائفي) تبنى سنة العراق طروحات المؤرخين المصريين والمتعثمنين من أمثال أحمد امين، باعتبار 90% من الابداع الحضاري الاسلامي العراقي: شعوبي أعجمي فارسي! بل ان بعضهم اعتبروا  بكل بساطة وأريحية ( بغداد عاصمة الحضارة الفارسية)!!


ولكي تكتمل هذه الحلقة الجهنمية من التشويه اللا إنساني لتاريخ امة، فقد تم الاجهاز على القسم المتبقى من التاريخ العراقي، الا وهو التاريخ السابق للاسلام. جميع الاطراف الدينية والحداثية، وبتأثير الفهم العرقي القومي القادم من أوروبا، قد اتفقت على (أجنبية) التاريخ النهراني(السومري البابلي الآشوري) ثم الآرامي المسيحي . العروبيون والاسلاميون والحداثيون اتحدو بصورة غير معلنة على اعتبار هذا التاريخ، يمثل(شعوب منقرضة) و(وثنية) و( أجنبية غير مسلمة)، وبالتالي فأنه من الطبيعي ان لا يشعر العراقي بأي انتماء له! والطريف ان المسيحيين العراقيين وبالذات (التيار الآشوري) هم وحدهم من اعتبروا أنفسهم أحفاد العراقيين الاصليين قبل الاسلام والتعريب. بل بلغت الكوميديا ذروتها، أنه حتى القوميين الاكراد، وبالذات جماعة أوجلان الكردي التركي، قد قرروا بكل سذاجة الاستيلاء على هذا التاريخ النهراني باعتباره ببساطة(تاريخ قومي كردي) بما ان كل شمال العراق وجنوب تركيا جزءاً من مشروع (كردستان الكبرى). هكذا بقدرة قادر، أصبح كلكامش وعشتار وسومر وآشور وبابل، كلهم أكراد!


هكذا اذن، اكتملت شروط صنع(الكوميديا التراجيديا) العراقية، وتم القضاء التام على كل احساس بالاعتزاز والكبرياء لدى الانسان العراقي، وساهمت جميع النخب الدينية والحداثية، كل حسب حاجتة وطاقته، بتدمير الميراث العراقي، ومعه الانسان العراقي وكرامته الوطنية.

المؤامرة الخفية ضد التاريخ العراقي


بعض المطلعين والمهتمين باشكاليات كتابة التاريخ العراقي، الاسلامي والنهراني، يعتقدون بأن هناك مؤامرة خفية لقوة عالمية جبارة منذ بدايات العصر الحديث قبل أكثر من قرن، غايتها الاولى والكبرى والوحيدة:


((سلخ الانسان العراقي عن تاريخه))!!


وحسب ظن هؤلاء، ان غاية هذه القوى العالمية من هذا التشويه، هي منع عودة العراق الى دوره الحضاري التاريخي المتميز. إذ ان أخطر ما في العراقي هو اكتشافه لذاته التاريخية الحضارية المبدعة والقيادية، لأنه حينها سيغدو انساناً آخر، واثقا شامخا أصيلا مبدعا.
لا ندري مدى صحة هذه الفرضية بالمؤامرة العالمية المسبقة. لا نريد أن نؤكدها أو ندحضها، فكل شيء في هذا العالم ممكن. الذي يهمنا أن نبدي إستغرابنا كيف غابت هذه النقطة الحاسمة والواضحة عن جميع النخب العراقية منذ أكثر من قرن وحتى الآن:


((إن الاسلام هو العنصر الحاسم التوحيدي والقاسم المشترك بين أكثر من90% من العراقيين!! فلا اللغة العربية وحدها كافية لجمعنا، ولا العقائد السياسية، ولا المذاهب، يمكن ان تشكل عاملا مشتركا بين ابن البصرة وأربيل والانبار، سوى الاسلام وحده القادر على ذلك))! 


كثيراً ما يتساءل أصحاب الضمائر: هل هي صدفة أن تتفق جميع النخب الحداثية، القومية واليسارية، على محاربة الاسلام باعتباره عنصراً سلبياً يجب التخلص منه لكي ننطلق نحو الديمقراطية والحداثة. هل هي صدفة أن يشجع الانكليز في الاربعنيات على نشر الماركسية، وأن تدعم اسرائيل الحركات القومية الانفصالية في شمال الوطن، وأن تساعد أمريكا على نشر الفكر العفلقي، وان جميع هؤلاء قد اتفقوا بصورة غير معلنة على نقطة جوهرية واحدة: الغاء الاسلام من الهوية العراقية، بأسم الحداثة والعلمانية!!
ثم هل هي صدفة، ان النقطة الاساسية والاولى والكبرى التي اشتغلت عليها امريكا قبل وبعد احتلالها لبلادنا عام 2003 : أن تستوعب المد الاسلامي العراقي وتحوله الى مد طائفي، من خلال تشجيع الاحزاب الطائفية وتشريع نظام المحاصصة، ومحاربة العناصر والجماعات الاسلامية التوحيدية؟!


منذ أعوام التسعينات ومعارضة لندن، اشتغلت امريكا وحلفائها من الاطراف العراقية، على تشجيع وتمويل الاحزاب الطائفية العراقية ومحاربة أي جهد اسلامي عراقي توحيدي، لانهم يدركون جيدا ان الاسلام العراقي الموحد، سوف يسبب فشل كل مشاريعهم لاضعاف العراق واذلاله وتقسميه!

التقارب الشيعي السني
ضمن هذا الموقف المشوه للتاريخ الوطني العراقي، يمكننا فهم حال الاسلام والمسلمين في العراق، بما فيه (قضية التقارب الشيعي ـ السني). منذ بداية العراق الحديث قبل قرن تقريباً، لم تمنح النخب المؤثرة، الدينية والثقافية، مسألة الهوية الوطنية حقها بالبحث والاهتمام والاحياء. بل ان غالبية هذه النخب، للأسف، تمادت أكثر وأكثر بتخليها عن انتمائها الوطني وتبعثرها في أنتماءات طائفية وقومية وعالمية، مرتبطة بالخارج. 


لهذا فأن من يراجع قضية الحوار الشيعي ـ السني، يفاجئ بصورة مفجعة بضآلة دور النخب الدينية والثقافية العراقية في هذا الحوار. الغريب ان مصر التي تكاد  تخلو من الشيعة، فانها هي التي قدمت رموزاً دينية وثقافية كبيرة في قضية الحوار هذه، من أمثال: محمود شلتوت (رائد فكرة التقريب)/ المراغي/ محمد أبوزهرة/ حسنين مخلوف/ مصطفى عبدالرزاق، وغيرهم. وقدمت ايران شخصيات حوارية من أمثال: السيد آغا البروجردي/ نواب صفوي/ الامام الخميني/ المفكر د.علي شريعتي. أما شيعة لبنان فقد قدموا: الشيخ محمد شمس الدين/ السيد محمد حسين فضل الله.


بالنسبة العراق، كان من الطبيعي أن تظهر بعض الشخصيات الحوارية. من الطرف الشيعي كان هناك الامام الخالصي والسيد كاشف الغطاء، والامام محمد باقر الصدر، والسيد محسن الحكيم. أما من الطرف السني فأن الشهيد عبد العزيز البدري، كان من أبرز الشخصيات الحوارية. لكن هذا الدور العراقي، من الناحية الفعلية والفكرية، يبدو ضئيلا جدا مقارنة بأهمية القضية وخطورتها بالنسبة لحياة الشعب العراقي برمته. وخصوصا ان المسلمين العراقيين يكادوا أن ينقسموا الى النصف بين شيعة وسنة(عرب وأكراد وتركمان). وان التشيع والتسنن معقلهما التاريخي والفقهي والمرجعي هو العراق، فكيف اذن يحق للعراقيين، رجال دين ومثقفين، أن يتعاملوا مع هذه القضية الخطيرة بمثل هذه الثانوية والخفة؟!
فمثلا ليس هنالك أي اصدارات فكرية عراقية بهذا الخصوص. ليس هنالك أية مؤسسة جامعة للحوار والتنسيق بين الطائفتين. ليس هنالك أية مؤتمرات حوارية مهمة ومستمرة. بل حتى الاحزاب السياسية العراقية، الدينية والحداثية، لم تفكر أبداً بالمعالجة الصريحة والفعلية لهذه القضية وظلت تتطرق اليها بلغة خطابية ودبلوماسية وسطحية جداً، كما لوانها تتحدث عن حالة شخصية معيبة، ومن غير اللائق تسميتها بالأسم، ناهيك عن الدخول بتفاصيلها؟!

 

التيار الثالث الوسيط
عندما نتحدث عن الحوار والتقارب الشيعي ـ السني، فأننا لسنا من السذاجة الى درجة أن نتوقع أن تلغى الفروقات ذات يوم ويندمج الشيعة والسنة في طائفة واحدة. بأعتقادنا ان هذا مستحيل. فحتى بالنسبة للمسيحيين الغربيين، ورغم كل روح الحوار والديمقراطية والبحث بين رجال الدين والمثقفين العلمانيين معهم، بالاضافة الى ما لا يحصى من المؤسسات الضخمة المتخصصة بتشجيع التقارب والحوار، الا أن هذا لم يمنع بأن تبقى الطوائف متميزة عن بعضها كما هي منذ قرون، فهنالك دائما البروتستان والكاثوليك والارثوذكس! 
ان الحوار ليست غايته الغاء الفروق بين طرفين، بل غايته الناجحة والمعقولة، خلق قوة ثالثة وسطية من أبناء الطرفين، لتلعب دورا توسطيا وتقاربيا يخفف من حدة الخلاف والتصادم بين الطرفين.


يعني، لنأخذ مثال(الحزب الديمقراطي المسيحي الالماني). ان هذا الحزب، الذي نشأ كاثوليكياً في أول الامر في عشرينات القرن الماضي، تحول مع الزمن الى حزب كاثوليكي بروتستاني يجمع بين طائفتي المسيحية الالمانية. ان هذا الحزب لعب ولا زال يلعب دوراً حاسماً في تعزيز وحدة المجتمع الالماني، ووسيط فعال بين هاتين الطائفتين المسيحيتين المتنافسيتين تاريخياً.


نفس الحال بالنسبة لحزب العدالة(الاسلامي) الحاكم في تركيا( أيضا سنفصل تجربته في آخر الملف)، والذي باعتراف المراقبين، راح يلعب دورا كبيرا بالتقريب بين الفرقاء في المجتمع التركي: (السنة ـ العلوية / الاتراك ـ الاكراد ـ العرب)، باعتبار الجميع مسلمين، والاسلام العقلاني المعتدل يمكن أن يكون وسيطاً مقبولاً للحوار بين الجميع، رغم الفروق المذهبية والعرقية.


بصورة أوضح نقول، ان النخب الثقافية والسياسية، بدلا أن تكون هي جزءاً من عملية الانقسام الطائفي والعرقي التاريخي في المجتمع، عليها أن تكون العكس، أي قوة ثالثة يجتمع فيها الفرقاء، بأعتبار أن مصلحة الوطن وحياة الناس وسلامتهم، هي المدخل والاساس لمصلحة وسلامة كل طوائف وقوميات الوطن.

 

المطلوب
اننا نسجل هنا بعض المقترحات المتداولة من أجل تشجيع الحوار السني الشيعي وخلق قوة ثقافية شعبية ثالثة تكون جسراً حوارياً بين الطائفتين:


أولا: تشكيل مركز رسمي يمول حكومياً ومدنياً بأسم(مركز الحوار الاسلامي العراقي)، تتمثل فيه عناصر دينية ومثقفة من أبناء الطائفتين، تجتمع وتتداول وتعقد المؤتمرات وتتصل وتقترح ولها حضور استشاري في البرلمان العراقي وفي مجلس الوزراء.


وتكون واحدة من أهم مهمات وفعاليات هذا المركز، التنسيق مع الفعاليات الدينية للطائفتين، من أجل الاتفاق على تواريخ واحدة للاعياد والمناسبات الاسلامية، ومحاولة اظهار وابراز المناسبات الدينية المشتركة مثل رمضان والحج والمولد النبوي، بل العمل على تشجيع اشتراك الطائفتين في المناسبات الخاصة بالطائفة الواحدة، مثل عاشوراء.
ثانيا: اصدار مجلة بحثية دورية يشترك فيها نخبة من المثقفين المعنيين غايتها نشر الدراسات والمواضيع التي تعرف بكل الشؤون المذهبية والحضارية والتاريخية للاسلام العراقي.
ثالثا: تشكيل لجنة مختصة من الطائفتين، للاتفاق على المناهج المدرسية المتعلقة بالتاريخ الاسلامي والدين، لكل المراحل الدراسية، غايتها تشجيح وابراز ثقافة التقارب والروح الوطنية العراقية الجامعة. والتأكيد على جعل كليات الشريعة في الجامعات العراقية، تلعب دورا دراسيا وبحثيا في تدريس المذاهب الاسلامية والتقريب بينها.
ــــــــــــــــــــــــ
(هذا المقال هو كلمة الملف الخاص للعدد الاخير من مجلة ميزوبوتاميا الصادرة في بغداد).