ملـحق الطبعـة الثانيـة 2015

عندما تقوم الذئاب بتعليم الخراف

مبادئ الحرية والدم ــ قراطية!!

هاهي السنوات الاخيرة (سنوات الربيع الوهابي ـ الامريكي)، تكشف أكثر وأكثر عمّا تحدثنا عنه في الطبعة الاولى من كتابنا هذا الصادرة عام 2011 : إن الخطة الامريكية ـ الغربية غايتها الايغال أكثر وأكثر بتدمير العالم العربي، وخصوصاً قسمه الشرق أوسطي. من اجل منع قيام أية أنظمة عربية مستقرة قادرة على إعادة بناء النهضة الحضارية. لأن أمريكا والغرب مقتنعون بصورة يقينية إن أية نهضة حضارية لهذه المنطقة ستشكل تهديداً طبيعياً وتاريخياً للنفوذ الامريكي والغربي.

إن تجربة ما اطلق عليه زوراً وسذاجة: الربيع العربي، كشفت بصورة واضحة عن أمرين مهمين جداً:

1ـ تفاقم وحشية وقسوة التحالف الامريكي ـ الوهابي، بالانتقام التدميري، سياسياً وعسكرياً وداعشياً، من جميع البلدان (دول وشعوب) التي سبق لها أن أزعجت النفوذ الغربي وتحالفت مع المعسكر الشيوعي خلال العقود السابقة: سوريا وليبيا واليمن، ومصر، وقبلها لبنان وفلسطين والجزائر والعراق.

القرضاوي، شيخ الارهاب الوهابي،

وخادم أمير قطر، ومفتي الربيع العربي!!

فليس بالصدفة أبداً، إنَّ هذه الثورات لم تحصل في الدول المقربة والمتحالفة مع امريكا، مثل: الاردن، المغرب، السعودية ودول الخليج، (أما البحرين فقد تم إفشال ربيعها لأنه لم يكن وهابي).

مفتي الارهاب الوهابي السعودي

2- الانتقال العجيب للغالبية الساحقة من النخب اليسارية والقومية والحداثية، من التبعية والتقارب مع المعسكر الشيوعي والانظمة العربية القومية الثورية، الى التبعية السافرة الى امريكا والوهابية، بغطاء منظمات المجتمع المدني ونشر مبادئ الحرية والديمقراطية. (سنفصل بعد قليل هاتين الظاهرتين).

فيصل القاسم، نموذج فاضح للمثقف العربي، الممثل الداهية، الذي يؤذن لله ويصلي للشيطان!!

3- السيطرة شبه المطلقة للاعلام الوهابي الامريكي (القطري - السعودي) على العقل العربي. إن عبقرية ودهاء هذا الاعلام الوهابي تكمن في العقول الامريكية الهوليودية التي تديره وتخطط له سراً. فتم خلق شبكة هائلة في أنحاء العالم العربي من المؤسسات الاعلامية والحزبية والثقافية والدينية، مهمتها التطبيل للسياسة التدميرية الامريكية ـ الوهابية. أمثال محطات الجزيرة والعربية والنبأ وصحف القدس والشرق الاوسط والحياة وايلاف، والمئات غيرها كبيرة وصغيرة، بما فيها فضائيات الرقص والخلاعة الوهابية.

ومن فضائح هذا الاعلام الوهابي المخابراتي، انكشاف حقيقة جريدة (القدس اللندنية) ومديرها الفلسطيني (عبد الباري عطوان)، والتي كانت تعتبر جريدة ثورية تطبل لصدام حسين وبن لادن والقومية العربية.

فتبين أخيراً إنها ممَّولة منذ زمن طويل من قبل قطر، حيث تم طرد رئيسها عبد الباري عام 2013، الذي كان يدَّعي إنه مالكها، وتعيين قطر لرئيسة جديدة هي الصحفية الفلسطينية (سناء العلول). (طالع التفاصيل في المبحث إذ توجد عدة أخبار وتصريحات بهذا الخصوص). هكذا هي طرقهم المخابراتية الشيطانية : الشراء سراً وعلناً لذمم غالبية النخب العربية الفاعلة، الحزبية والثقافية والدينية والاعلامية، يسارية ودينية وليبرالية.

والطريف ان هنالك صراع اعلامي معلن بين القطبين الوهابيين السعودية وقطر. وهذا بالحقيقة أمر طبيعي تشجعه امريكا التي تميل الى شق حلفائها لكي لا يستقووا عليها، وتبقى هي المتحكمة بالاثنين معاً. وهي تنفذ سياسة شق حلفائها أيضاً في اوربا وامريكا الجنوبية.

عبد الباري عطوان في لقائه الشهير مع بن لادن عام 1996. كان تحت غطاء القومية وفلسطين، ينشر سموم قطر وامريكا، من خلال تطبيله للقاعدة الوهابية!

* * *

تاريخ الذئب الامريكي مع العرب

يخطئ من يظن إن امريكا في سياستها تبتغي فقط المصالح الاقتصادية والاستراتيجية، بل إن قادة امريكا مثل جميع قادة العالم عبر جميع العصور، هم بشر لا تحركهم فقط المصالح، بل أيضاً مشاعر الضغينة ورغبات الانتقام والتدمير من اجل التشَّفي وإعطاء الدروس.

من دون هذه المعلومة المهمة جداً لا يمكن الفهم الكامل للسياسة الامريكية الوهابية في العالم العربي في السنوات الاخيرة، وخصوصاً سياسة التدمير الشامل التي تم تطبيقها بدون رحمة ضد الاوطان والشعوب والعقائد.

بالحقيقة إن عمليات التدمير لبلدان المنطقة، مستمرة منذ الحرب العالمية الاولي والاستعمارين الانكليزي والفرنسي. لكن بعد الحرب العالمية الثانية، تم الاقرار على أن تحل امريكا بصورة تدريجية محل الانكليز والفرنسيين، لأنها هي التي انتصرت في الحرب، وهي المؤهلة لمواجهة الخطر الشيوعي الروسي والصيني.

علماً إن العربية السعودية من أول وأقدم حلفاء امريكا في المنطقة. (منذ اللقاء التاريخي بين الرئيس روزفلت والملك عبد العزيز عام 1945 وعقد اتفاق كوينسي).

فكان تأسيس اسرائيل عام 1948 والانقلابات والمؤامرات والحروب الاهلية والدولية، (مثل حرب حزيران 1967)، والحرب الاهلية اللبنانية (1975- 1990)، المغذات بصورة مباشرة أو غير مباشرة من قبل امريكا والوهابية.

ولكن هذه السياسة التدميرية أصبحت مطلقة اليدين بعد نهاية المعسكر الاشتراكي عام 1990. والجديد في هذه السياسة بروز التنسيق المباشر مع الاسلاميين من خلال السعودية وقطر، وخصوصاً بعد نجاح التجربة في حرب أفغانستان ضد السوفيت واختراع (قاعدة بن لادن) من قبل المخابرات الامريكية عام 1989. وكانت اولى التجارب الجديدة في هذا المجال (الحرب الاهلية الجزائرية أعوام التسعينات)، بين الحكومة والاسلاميين المدعومين من قطر وامريكا. كذلك اسقاط النظام اليساري في الصومال عام 1990 وتشجيع الحرب الاهلية وتدمير وحدة الدولة الصومالية حتى الآن.

خطة (فئران المختبر) لتدمير العراق والمنطقة!

لقد تطورت سياسة التدمير الامريكية بالاعتماد على الثورة التقنية الاعلامية وغسيل الادمغة الجبارة التي اجتاحت العالم في العقدين الاخيرين. فتم ابتداع خطة جهنمية نفسية للسيطرة على الشعوب، اعتمدت على تجارب مختبرية نفسية نجحت بإيصال الحيوانات الى درجة من الانحطاط النفسي واليأس المطلق الى حد الانمساخ التام والاحتقار الكامل للذات والجماعة، ويبلغ الانحدار أعمق قيعان الاذلال والفقدان الى حد اللجوء الى عدوها الغريزي والتاريخي وطلب حمايته! فترى الفئران تتقاتل بينها ولكنها بنفس الوقت تتذلل مرحبة بالقطط التي لا تكف عن تعذيبها واذلالها والتهامها!

لقد تم تطبيق هذه التجارب المختبرية على الشعوب، إبتداءاً بالحالة العراقية، (ثم باقي الشعوب العربية)، مستغلين رعونة الرئيس العراقي صدام وعناده المتهور:

بعد عام 1988 وخروج العراق من حربه مع ايران التي شجعتها وغذتها امريكا، مدَمَراً وفاقداً كل ما بناه وما جمعه من ثروات النفط خلال عشرات السنين السابقة. سرعان ما تم توريطه في عملية غزو الكويت ثم تدمير الجيش العراقي عام 1991، وما أعقبه من حصار كامل امريكي ـ غربي ـ عالمي طيلة 13 عام. مصحوباً بقصف امريكي متقطع لبنيته التحتيه، وإذلاله بالعقوبات، وتشجيع هجرة خيرة شبابه وكوادره.

وترافقت هذه السياسة التدميرية "المختبرية" الامريكية، مع سياسة شراء ذمم غالبية النخب السياسية والثقافية والاعلامية والدينية ودعم تنظيماته العنصرية المتعصبة طائفياً وعرقياً، شيعية وسنية وكردية ومسيحية وتركمانية، بأسم "المعارضة العراقية".

وقد استخدمت امريكا زعيم العنصرية الكردية (البرزاني) و(حليف داعش حالياً)، والذي كان له دوراً حاسماً في شراء ذمم قادة العراق.

التفاهم الامريكي مع ايران والشيعة

لضمان نجاح هذه السياسة الجهنمية إزاء العراق وعموم المنطقة، اضطر الامريكان الى تجاوز حدود حلفائهم الوهابيين، فتفاهموا مع ايران التي وافقت على أن تبيعهم العراق لقاء حصولها على حصة بالدولة من خلال الاحزاب الشيعية التابعة لها. فكان قرار اغتيال المرجع الشيعي الوطني (صادق الصدر) عام 1999 ليحل محله تابعهم الايراني (السيستاني) الذي لا زال يبارك جرائم الامريكان والاحزاب الفاسدة وخراب العراق.

أخيراً عام 2003 آن أوان اطلاق رصاصة الرحمة، بعد أن بلغ العراقيون أسفل قيعان انحطاطهم المادي والروحي، الى حد الدعاء ليل نهار لقدوم (الامام الامريكي ـ الوهابي ـ الايراني المنتظر). فدخلت القوات الامريكية كما تدخل الذئاب المسعورة مراعي الخراف المرعوبة من رعاتها المعتوهين والخونة.

*   *   *

التدمير التدريجي المنظم وجهنم الربيع العربي

كما أوضحنا، إن عمليات التدمير المنظمة للدول المزعجة لأمريكا، مستمرة منذ سنوات طويلة. لكنها تكثفت واستشرست في السنوات الاخيرة. إن المحصلة الحالية، نهاية عام 2015، لعمليات تدمير هذه الدول عسكرياً وسياسياً واقتصادياً وبشرياً، مع تقسيمها الفعلي الى عدة دويلات متصارعة :

- لبنان : لازال الغرب وحلفائه الخليجيين والايرانيين يحرصون على ابقاء لبنان مقسماً خرباً اقتصادياً مع القصف الاسرائيلي، وخطر اشتعال الحرب الطائفية.

- فلسطين : مقسمة الى سلطتين في غزة والضفة منذ عام 2006. تعاني القضم المستمر من المستوطنات اليهودية. مع القصف والحصار الاسرائيلي و(المصري!) لغزة. شعبها مهان إذ يعتبر أكثر شعب في العالم يعتاش على المساعدات الدولية!

- العراق : ثلاث سلطات: بعد توريطه في حرب ايران ثم الكويت. ثم الحصار العالمي الوحشي طيلة 13 عام. ثم اجتياحه عام 2003 وتدمير دولته وجيشه وآثاره. ثم خلق دولة خربة مقسمة بين الشيعة والسنة والاكراد. وتفاقم الفقر المرعب مع النهب الامريكي لمليارات نفطه بالتواطئ مع القيادات الفاسدة التي عينتها امريكا. وتغذية الارهاب الذي يحصد العشرات كل يوم. أخيراً بروز داعش التي استولت على الموصل والانبار. نعم انه الانتقام الامريكي الخليجي الايراني الاسرائيلي، الذي لم يمارس ضد شعب ودولة طيلة التاريخ، من رعونة نظام صدام ونزعة العراقيين القومجية والثورجية الفارغة.

- السودان : كانت من اولى الدول العربية التي تم تقسيمها بصورة فعلية ورسمية عام 2011 بقيام دولة جنوب السودان، بعد حرب أهلية مدمرة مدعومة أمريكياً.

- ليبيا : بعد الاجتياح الامريكي واسقاط دولة القذافي عام 2011، تكرر فيها حرفياً المخطط الذي سبق وأن تحقق في العراق. تدمير الدولة والجيش. خلق قيادات فاسدة. سرقة مليارات النفط ودعم الارهاب. وأخيراً التقسيم الى ثلاث دويلات متحاربة.

- اليمن : تشجيع ارهاب القاعدة. نشر الفساد الحكومي. ثم السماح بتمدد الحوثيين. وأخيراً القصف والاجتياح السعودي تحت الرعاية الامريكية عام 2015. وأخيراً تأييد التقسيم الى يمنين: شمالي حوثية، وجنوبي سعودية.

- سوريا : الحرب الاهلية المدمرة المستمرة منذ عام 2011 وحتى الآن، والمدعومة غربياً وخليجياً وايرانياً، والتي أدت عملياً الى تقسيم سورية الى أربعة مناطق منفصلة: الحكومية، والمعارضة، وداعش، والاكراد بين منطقتين متنافستين.

- مصر : تشجيع الانقسام والحرب الاهلية وخطر تكوين سلطة مستقلة في سيناء.

المصادر:

لمزيد من التفاصيل حول دور امريكا التدميري في العالم العربي، طالع:

  • ·أفلام عدة فيها معلومات هامة عن دور امريكا وقطر في الربيع العربي. للبحث ضع هذه العبارة في اليوتيوب: دور أكاديمية التغيير في قطر.
  • ·كذلك كتاب بالفرنسي: أرابيسك أمريكية: الدور الأمريكي في الثورات العربية /

(Arabesque Americaine: Role des Etats Unis dans les revoltes de la rue Arabe)

تأليف أحمد بن سعادة : أكاديمي وباحث كندي من أصل جزائري والصادر في آيار 2012، وهو أول دراسة مدعومة بالوثائق الدامغة التي تتحدث عن الدور المشبوه الذي لعبته الولايات المتحدة الأمريكية من خلال أجهزة مخابراتها وسفاراتها ومؤسساتها ومعاهدها ومنظماتها في تأجيج الشارع العربي بشتى الوسائل.

  • ·كتاب الباحث التونسي رياض الصيداوي: (من تونس الى دمشق، حقائق خفية عن الربيع العربي)، وهنالك تفاصيل جيدة في موقعه الشخصي.
  • ·مقال صحيفة لوموند الفرنسية واعترافات الرئيس السابق لجهاز المخابرات الفرنسي "إيف بونيه" الذي قال أن مال المخدرات والدعم القطري السعودي، وتواطئ الغرب، أساس الارهاب في الشرق الاوسط. للعثور على الصحف التي نشرت التصريحات، ضع هذه العبارة في المبحث:

un ex-chef de la DST met en cause le Qatar et l'Arabie saoudite

  • ·كذلك يمكن مطالعة: موقع dailymotion / فلم وثائقي يشرح بالتفصيل والوثائق والشهادات دور فرنسا بالتنسيق مع قطر (بالاضافة الى امريكا) في اسقاط القذافي للاستيلاء على الغاز الليبي. لمشاهدة الفلم، ضع هذه العبارة:

Enfin La vérité sur le printemps arabe A VOIR ABSOLUMENT

*   *   *

تابع الموضوع في الصفحة تحت

المنظمات الداعمة والممولة للربيع العربي...

يصح القول إن امريكا أدخلت اسلوبين جديدين في سياستها التوسعية والاستعمارية في العالم:

الاعلام ومؤسسات دعم وكسب نخب العالم. هذان الاسلوبان المتداخلان ما كانا مستخدمين بهذا القدر الكبير من الوعي والتخطيط من قبل الدول الاستعمارية السابقة، مثل بريطانيا وفرنسا. كان الاسلوب المتبع، اولاً هو استخدام الجيوش للغزو والسيطرة المباشرة على البلدان، ثم الاقتصاد وتشييد المدارس والجامعات، بالاضافة الى المبشرين المسيحيين وكنائسهم، لكسب الشعوب وفرض الحضارة الغربية عليها.

أما امريكا، فمنذ عام 1941 عهد (الرئيس روزفلت)، وقبل نهاية الحرب العالمية الثانية وتحولها الى سيدة الغرب والعالم بعد الحرب، قررت مواجهة مشكلة النفوذ الروسي السوفيتي الخطير، بين شعوب العالم ونخبها الحداثية، حتى في امريكا نفسها. هذا الاسلوب السوفيتي قائم على (الثقافة وغسل الادمغة) من خلال الاحزاب الشيوعية والآيديولوجية الماركسية.

لمواجهة هذا النفوذ الكبير للاحزاب الشيوعية والماركسية، قررت الحكومة الامريكية الشروع بتشييد مؤسسات جبارة تمتلك أرصدة مليارية، تقوم بنفس دور الاحزاب الشيوعية، وذلك بالاتصال المباشر بالنخب المؤثرة في العالم، لكسبها وتربيتها بالآيديولوجية الامريكية بأسم (الحرية والديمقراطية).

ثم إن هذه المؤسسات الامريكية، بما أنها غنية جداً وتمتلك حقاً كوادر وتقنيات فعّالة للنشاط التعاوني الانساني والتربية والثقافة، مما يمنحها شرعية ومقبولية أفضل بكثير من مؤسسات المخابرات والاحزاب، ولا تثير خوف الناس والحكومات. لهذا فأنها تمارس نشاطها العالمي بصورة علنية ودبلوماسية ولها مقرات في السفارات الامريكية، وتعرض خدماتها التربوية والاعدادية على الحكومات وعلى الجمعيات والنقابات والاحزاب، بل حتى على المؤسسات الاقتصادية والدينية. وهي بالاضافة الى الكسب الآيديولوجي للنخب وتوجيهها بصورة مؤدبة بالاتجاهات التي تخدم نفوذ امريكا، فإنها بنفس الوقت تنسق بصورة مباشرة مع المخابرات الامريكية، من اجل اختيار العناصر الفاعلة من تلك النخب، التي تقبل بالارتباط المباشر بالمخابرات. ومن أهم أهداف المؤسسات :

1ـ السيطرة على النخب الفاعلة ووسائل الاعلام. 2ـ احداث انقلابات على أنظمة الحكم غير المرغوب فيها امريكياً. 3ـ السيطرة على الانتخابات لتوجيه الناخب للتصويت لمن تريده أمريكا.

هذه نبذة عن أهم وأكبر هذه المؤسسات الامريكية التي تنشط من أجل : الحرية والديمقراطية! ولها حضور كبير جداً في السنوات الأخيرة في غالبية الدول العربية، (بالاضافة الى النخب والاحزاب العربية المهاجرة)، إذ تقوم بالتعاون والتمويل العلني والسري لمئات الشخصيات والجمعيات والنقابات والاحزاب والمؤسسات التربوية والاعلامية، وتنظم لهم الدورات في امريكا نفسها:

  • ·منظمة بيت الحرية Freedom house

تأسست عام 1941، بدعم مباشر من الرئيس الأمريكي روزفلت، وهدفها المعلن: مكافحة التعسف السوفيتي الشيوعي. ومن أبرز ممَّوليها الحاليين، (جورج سوروس) الملياردير اليهودي عضو منظمة تنمية إسرائيل وهو الذي موَّلَ الثورتين الجورجية والأوكرانية. أما مجلس أمنائها الحالي يضم بين صفوفه :

أنتون ليك (Anthon Lake) وهو مستشار "الأمن القومي" للرئيس الأمريكي بيل كلينتون من عام 1993 م حتى عام 1997. كذلك ويندل ويلكي الأبن (Wendell Willki) مستشار الرئيس الأمريكي رونالد ريجان لشؤون "الأمن القومي". كذلك الملياردير اليهودي الصهيوني (بيتر آكرمان)، الذي تولى رئاسة المنظمة وأشرف بنفسه على التخطيط والتدبير لما يسمى الثورة البرتقالية في أوكرانيا والوردية في جورجيا. كذلك جيمس ولسي "يهودي صهيوني متعصب" رئيس الـ CIA السابق. وهي معروفة منذ سنوات طويلة بنشاطاتها في أنحاء العالم بدعم المنظمات اليمينية المعادية للشيوعية والانظمة اليسارية مثل كوبا وغيرها، والاسهام بالانقلابات العسكرية والانظمة الدكتاتورية في امريكا اللاتينية. ولهذه المنظمة مقرات ونشاطات رسمية في الكثير من الدول العربية وبين الجمعيات والاحزاب. (طالع بعض هذه المعلومات في موسوعة ويكيبديا).

- الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)

تأسست عام 1961 بقرار من الحكومة الامريكية من اجل دعم الحركات المعادية للشيوعية في العالم. وهي مرتبطة مباشرة بالمخابرات الامريكية. واشتهرت خصوصاً في امريكا اللاتينية بنشاطاتها لدعم الانظمة والحركات اليمينية والدكتاتورية.

ومن الامثلة المعروفة في أروقة الامم المتحدة عن دور هذه المنظمة الابتزازي. عام 1990، صوَّتَ مندوب اليمن في الأمم المتحدة ضد تشكيل ائتلاف تقوده الولايات المتحدة لاستخدام القوة ضد العراق، قال المندوب الامريكي لمندوب اليمن : (أنَّ تلك كانت أغلى "لا تصويت"). بعد ذلك مباشرة توقف التمويل والدعم الذي تقدمه USAID لليمن!

وقد أشرفت هذه المؤسسة عام 1999 على تأسيس (حركة عالمية من اجل الديمقراطية ـWorld Movement for Democracy). وعقدت هذه الحركة العالمية خمس جمعيات عالمية منذ تأسيسها في نيودلهي عام 1999: ساو باولو - البرازيل (2000)، وديربان - جنوب إفريقيا (2004)، وإسطنبول - تركيا (2006)، وكييف - أوكرانيا (2008)، وجاكرتا - إندونيسيا (2010).

ــ المعهد الجمهوري الدولي IRI

تأسس المعهد الجمهوري الدولي في 1983 في عهد ريغان. وبعده تأسست المنحة القومية للديمقراطية NED من قبل الكونغرس في عام 1983 وهي آلية لتمرير التمويل من الكونغرس للمعهد الجمهوري الدولي وثلاث معاهد أخرى هي :

المعهد الديمقراطي الوطني للشؤون الدولية / المركز الامريكي لتضامن العمل الدولي (معهد التضامن) / مركز المشاريع الخاصة الدولية.

معظم التمويل للجمهوري يأتي من منحة الديمقراطية. مهمته العمل في الخارج لدعم الاحزاب السياسية تدريباً وتمويلاً. ومعظم القائمين عليه من وسط اليمين الجمهوري وأقصاه المتطرف مثل المحافظين الجدد. ويرتبطون بعلاقات وصلات مع مؤسسات الفكر اليمين ومعاهد السياسة وشركات النفط والسلاح والبنوك.

شركائه في العمل: وزارة الخارجية الامريكية / الوكالة الامريكية للتنمية الدولية USAID / المنحة الوطنية للديمقراطية NED / المعهد الديمقراطي الوطني للشؤون الدولية NDI / المعهد الدولي لأنظمة الانتخابات IFES.

 

- مبادرة الشراكة الأمريكية الشرق أوسطية (MEPI)

وهي تابعة لوزارة الخارجية الامريكية، وهذه هي مهماتها المعلنة رسمياً في موقعها. لاحظ إنها كلها مهمات خاصة بالتربية السياسية.. نعم التربية السياسية!!!!!:

((تقدم مبادرة الشراكة الأميركية الشرق أوسطية (ميبي) تمويلاً لدعم جماعات المجتمع المدني، والناشطين السياسيين، ورواد الأعمال في جهودهم الرامية إلى الإصلاحات السياسية والاقتصادية، والمشاريع التي تهدف إلى تحسين الشفافية الحكومية، والمساءلة. وتعمل المبادرة في 18 بلداً وإقليماً، وساهمت بأكثر من 600 مليون دولار لما يزيد عن 1000 مشروع منذ إنشائها في عام 2002.

وفي الآونة الأخيرة، ازداد عدد برامج المبادرة بشكل ملحوظ في البلدان التي تمر بالتحولات الديمقراطية في أعقاب الربيع العربي - بما في ذلك مصر، وليبيا، وتونس - من أجل دعم إجراء انتخابات حرة وشفافة ونزيهة، والتوسع في المجتمع المدني، ومنح صوت أكبر للمواطنين في صياغة نظمهم السياسية والاقتصادية والقانونية)).

المصادر :

  • · طالع في المبحث وفي موسوعة ويكيبديا جميع هذه المؤسسات حيث هنالك تفاصيل كثيرة عنها بمختلف اللغات، ومنها العربية.
  • ·كذلك تجد مواقع هذه المؤسسات الامريكية، بالعربي والانكليزي، وتقديمها لنفسها ونشاطاتها.
  • ·كذلك تجد الكثير من صفحات المنظمات المدنية العربية التي تتحدث صراحة عن علاقتها بهذه المؤسسات الامريكية.

 

*   *   *

من نشاطات المؤسسات الامريكية

في العالم العربي

 

 

هنالك نقطة مهمة جداً يتوجب توضيحها: كما أوضحنا إن امريكا ابتدعت اسلوباً جديداً في فرض نفوذها العالمي، مشابه للاسلوب الشيوعي السوفيتي القائم على أساس الكسب الآيديولوجي للنخب المؤثرة بواسطة الاحزاب الشيوعية والماركسية. فقامت امريكا بتشييد امبراطورية عالمية من المؤسسات المليارية الجبارة (للمعونات الانسانية التربوية الآيديولوجية)، لكسب النخب بما يخدم نفوذها. وهذا بالضبط الذي نجحت به بصورة تفوق التصور في العالم العربي، حيث بلغت قمة قمة قمة النجاح عام 2003 بالسيطرة المباشرة على المعارضة العراقية واسقاط نظام صدام، ثم أخيراً مهزلة ثورات الربيع العربي بقيادة فضائية الجزيرة والآيديولوجية الوهابية الدم - قراطية!

هذه المؤسسات تقدم دعمها لما يسمى بمؤسسات المجتمع المدني، وتدريبها للكوادر العربية الشابة. ومن الأمثلة المعروفة، إن وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون قد أعلنت في كانون الثاني 2010 تخصيص مبلغ 30 مليون دولار أمريكي للشركات المتخصصة في صنع البرمجيات لمساعدة منظمات المجتمع المدني والنشطاء المعارضين الذين يعيشون في ظل أنظمة استبدادية على كسر الرقابة وتشفير رسائلهم ومحو آثارهم حتى يصعب بعد ذلك على الأجهزة المختصة في بلدانهم تعقبهم. وقد تولت الأجهزة الفيدرالية الأمريكية توزيع هذه البرمجيات مجاناً على النشطاء العرب - من المحيط إلى الخليج - بعد ترجمتها إلى لغتهم الأصلية وقد دافعت سلطات واشنطن عن موقفها ورفعت شعار "أنترنت حرة رغم الرقابة".

نسجل هنا مقتطفات كنماذج مصغرة لنشاطات هذه المؤسسات بين النخب العربية :

  • ·شبكة الديمقراطيين في العالم العربي

وهي من أخطر وأكبر المنظمات العربية المرتبطة بأمريكا. وتتكون من اتحاد عشرات المنظمات المدنية في العالم العربي. تأسّست في عام 2006 كنتيجة لمؤتمر المغرب الذي حضره 63 قائد ديمقراطي من 14 دولة عربية. وهي كما توضح رسمياً في موقعها، ممولة من العديد من المنظمات الغربية والامريكية، خصوصاً المنظمات الامريكية:NED/The Open Society Foundations /ICNL/ :

لمطالعة موقعها وقائمة منظماتها، والجهات الممولة لها: ضع في المبحث أسم الشبكة www.ndaworld.org

من نشاطات هذه المنظمة تنظيم دورة (تعليم الديمقراطية!) لأبناء المعارضة السورية عند الحدود مع تركيا، عام 2014

وفضحت وثيقة (ويكيليكس) عن البرقيّة (06Tunis80) الموجهة من وزارة الخارجية الامريكية الى الشبكة وتكشف عن الدعم السري الذي تتلقاه من (مكتب الديمقراطيّة وحقوق الإنسان والعمّال DRL).

وكذلك عن حضور مسؤولين أمريكيين الى مؤتمر الشبكة في المغرب، من وزارة الخارجية ومكتب DRL ومن مبادرة الشراكة MEPI .

ـ مصر:

وائل غنيم، موظف غوغل المتعاونة مع المخابرات الامريكية، أحد قادة الربيع الامريكي في مصر!!

من بين مئات الامثلة، نذكر الدور الذي لعبه موظف شركة (غوغل) (وائل غنيم) الذي مُنح إجازة مفتوحة مدفوعة الأجر من قبل شركته الاميريكة، من أجل المشاركة في تأجيج المظاهرات في مصر وهو الذي أطلق صفحة على شبكة "الفيسبوك" بأسم "كلنا محمد البوعزيزي".

وقد أصيب بالخيبة العديد من النشطاء المصريين عندما علموا أن الكتيبات التي سلمت لهم من السلطات الأمريكية والتي تروج لأساليب اللاّعنف كانت من إعداد المؤسسات والمعاهد البحثية الممولة مباشرة من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية – الـ"سي آي أي".

- كذلك من نشطاء الربيع العربي في مصر: شريف منصور مسؤول فريدوم هاوس في الشرق الأوسط وأحمد صلاح وهو المؤسس الفعلي لحركة 6 أبريل.

منظمات عربية كثيرة:

لأخذ فكرة سريعة عن مدى علنية هذا التغلغل الامريكي في المنظمات المدنية العربية، يكفي أن تضع في المبحث، هذه العبارة لكي تظهر لك عشرات الجهات المدنية والنقابية العربية التي تتلقى الدعم الامريكي الرسمي والمباشر.

ويتوجب التوضيح قبل ذلك، إننا أبداً لا نتهم هذه المنظمات العربية بالعمالة للمخابرات الامريكية، بل فقط نقول إنَّ تلَّقيها الدعم الامريكي لا بد أن يؤدي رغماً عنها الى قبول وتسهيل وتبرير السياسة الامريكية في منطقتنا، وأيضاً تعريض أعضائها الى التعاون المباشر مع المخابرات الامريكية.

منح من الصندوق الوطني للديمقراطية NED

وهذه قائمة صغيرة ببعض هذه الجمعيات العربية، التي تنشر علناً أخبار الدعم الذي تتلقاه من مؤسسة نيد الامريكية. لكي تظهر لك المعلومة عن هذا التعاون الرسمي، ضع في المبحث، اسم الجمعية مع العبارة التالية: الصندوق الوطني للديمقراطية NED:

((الرابطة المصرية للعلوم السياسية / الجمعية الكويتية لحقوق الانسان / مؤسسة الضمير الفلسطينية لحقوق الانسان / مركز حكاية الاردني للمجتمع المدني / جمعية فرص للجميع الاردنية / جمعية لوبي ليكس التونسية / المنظمة الوطنية لتنمية المجتمع، اليمنية)).

ملاحظة مهمة: إن الكثير من الدول الديمقراطية في العالم تحرّم على الاحزاب والمنظمات تلَّقي الدعم من الخارج. وهي تفعل ذلك على اعتبار إن هذا الدعم الاجنبي يعرقل ويشوه إرادة الشعب، ويتناقض مع جوهر العملية الديمقراطية.

المصادر:

لمزيد من المعلومات، طالع الدراسة المفصلة (خطورة منظمات المجتمع المدني وحقيقة التمويل)، طالع الدراسات المهمة التالية. وللعثور عليها ضع في المبحث اسم المؤلف وعنوان الدراسة:

  • ·سالم لعريض/ نشاطات ومنظمات ومؤسسات أمريكية مشبوهة.
  • ·ابراهيم درويش/ حول التطبيع والتمويل الأجنبى للمنظمات غير الحكومية.
  • ·احمد النظيف/ أسرار الاختراق الأمريكي لمنظمات المجتمع المدني في تونس.
  • ·عمر نجيب/ الطابور الخامس بديل الحروب المباشرة والمكلفة.
  • ·مهم جداً، مطالعة ومتابعة موقع (شبكة فولتير) بالعربي، للصحفي الفرنسي تيري ميسان.
  • ·موقع: ثورات وحقائق سرية، خطورة منظمات المجتمع المدني وحقيقة التمويل.
  • ·كتاب خيوط العنكبوت/ علي مقلد.                                    

*   *   *

نموذج الدعم الامريكي للتجربة العراقية لدم ــ قراطية الناجحة جداً جداً!

ا!

بول بريمر حاكم العراق الامريكي (2003 ـ 2004) مع قادة الفساد والارهاب في العراق. لقد أشرفت امريكا على تدميره وتسليمه لأحزاب شيعية ـ سنية - كردية، عميلة وفاسدة وطائفية وعنصرية وارهابية. من أجل تسهيل سرقة ملياراته، ثم صرف جزء ضئيل جداً منها بأسم (إعادة اعمار العراق)،     (بعد تدميره تماماً من قبل امريكا نفسها). وتشرف على هذه النشاطات (الاعمارية الانسانية جداً!) السفارة الامريكية ومنظماتها المخابراتية التي لا تكل عن شراء ذمم العراقيين وتمسيخهم وتحويلهم الى عملاء أذلاء

                                                       هذه نماذج لبعض هذه النشاطات

بيان صحفي 19 شباط 2008 :

((دعم المعهد الجمهوري الامريكي لأنتخابات مجالس المحافظات: تحضيراً لانتخابات مجالس المحافظات لعام 2009 في العراق، عقد المعهد الجمهوري في 31 كانون الثاني بالتعاون مع جماعات المجتمع المدني العراقي برامج تدريب وتعليم للناخب، مستهدفاً الشباب والنساء والأقليات في عموم العراق)).

بشكل اجمالي أدار المعهد ندوات لعدد 58 مرشحاً وموظفي ادارة الحملات الانتخابية ورعى المعهد 293 ندوة لتعليم الناخب. اضافة الى ذلك ومن أجل دعم جهود منظمات المجتمع المدني العراقي المحلية، أصدر المعهد 7 برامج اعلام منفصلة تضمنت برامج حوارية وبث اذاعي لمناقشة القضايا المطروحة، واجتماعات في مجالس المحافظات لمناقشة أسئلة رجل الشارع من قبل القادة السياسيين واعلان تلفزيوني حول كيفية الانتخاب في النظام الانتخابي الجديد.

وقدمت للناخب العراقي أكثر من 3 ملايين مادة اعلامية بشكل نماذج استمارات انتخاب، ونشرات وصحف، بتمويل من مكتب وزارة الخارجية الامريكية لشؤون حقوق الانسان والديمقراطية والعمل.

كما شارك المعهد أو قاد عدة أحداث كبيرة في واشنطن حول الانتخابات. وقد خدم مدير الشرق الاوسط وشمال افريقيا (الاسم الجديد للوطن العربي) توم غاريت في لجنة تابعة لمعهد سياسات الشرق الادنى مع نظيره ليس كامبيل من المعهد الديمقراطي الوطني في الاسبوع قبل الانتخابات العراقية.

قبل انتخابات 2005 صرفت أمريكا 40 مليون دولار من أموال الشعب الأمريكي لإنشاء أحزاب عراقية من خلال المعهد الجمهوري والمعهد الديمقراطي. ثم بعد ذلك، ساعد المعهد الجمهوري في إعداد أحزاب عشائرية (الصحوات) للانتخابات والاحزاب الاخرى وساعد البرلمان في إعداد مكتبة ومراجع. وأهم شيء دعم مؤسسات فكرية think tanks فهي الشريكة في الديمقراطية. ويرعى المعهد عدة مؤسسات عراقية واعدة ومعاهد سياسية وهم من مختلف الاطياف يدرسون مواضيع عديدة ويغطون مناطق جغرافية كبيرة.

وبتمويل من المعهد الجمهوري الدولي تأسس تحالف الشباب الوطني Nationwide Youth coalition في 2005 وهو تحالف ثلاثة مراكز شبابية منفصلة في مدن بغداد وأربيل والناصرية يعملون معاً من اجل تشجيع مشاركة الشباب في العملية السياسية. قامت المراكز بالتركيز على طلبة الجامعات والحث على المشاركة في الانتخابات والتدريب على التصويت. ومنذ عام 2006 دعم المعهد حملة 25 التي قام بها التحالف وهو مشروع لزيادة الحد الادنى للترشيح في المناصب من 30 سنة الى 25 وزيادة المساهمة السياسية بين شباب العراق, أقيمت ورش عمل واحتفالات ولقاءات مع قادة سياسيين مهمين. ووزعت آلاف النشرات وأذيعت العديد من الحوارات التلفازية والاذاعية لتشجيع مشاركة الشباب للتصويت على اتجاهات معينة.

في 1 نيسان 2007 أخذ المعهد ممثلين من 10 أحزاب سياسية عراقية الى كمبوديا ليعملوا مراقبين لانتخابات مجالس محلية في البلاد. كان العراقيون جزءاً من لجنة انتخابات حرة ونزيهة في كمبوديا. وحتى تكون لهم خبرة في الانتخابات القادمة في العراق. أعضاء الوفد كانوا من أحزاب :

الحركة الديمقراطية الآشورية، وحزب الدعوة، والديمقراطي الكردستاني، والاتحاد الوطني الكردستاني، والحزب الاسلامي العراقي، والاتحاد الاسلامي الكردستاني، والتوافق الوطني العراقي، والجبهة التركمانية العراقية، وحزب الفضيلة الاسلامي، والمجلس الاعلى.

((وطبعاً الحزب الكمبودي الحاكم الذي التقاه هؤلاء العملاء والمغرر بهم هو حزب موال قام بتأليفه ورعايته وتغذيته المعهد الجمهوري الدولي)).

طالع الموقع الغني جداً للباحثة عشتارالعراقية، اكذوبة الديمقراطية: المعهد الجمهوري الدولي IRI

 

- حتى شهر حزيران 2009، استثمرت USAID حوالي 6.6 بليون دولار (طبعاً مسروقة من نفط العراقيين). الجزء الأكبر منها من أجل تمويل النخب السياسية والثقافية والاعلامية العراقية وتكوين شبكات اعلامية وتلفزيونية ومراكز دراسات ومنظمات ثقافية ومدنية، كلها تساهم مباشرة وغير مباشرة بالتطبيل والتغطية على دور امريكا وسفارتها الجبارة في بغداد لدعم سياسة الفساد والارهاب والتقسيم والتدمير الدائم للعراق.

  • ·لمزيد من المعلومات عن حماسة الامريكان لتربية العراقيين على الدم ـ قراطية، طالع موقع السفارة الامريكية في بغداد، بعنوان: التعليم والثقافة، ومنه عنوان: التبادل الثقافي.

على سبيل المثال عن مدى التركيز على التربية السياسية الثقافية،، طالع من هذا الاعلان المنشور في موقع السفارة الامريكية في بغداد. (لمطالعته ضع أية عبارة منه في المبحث) :

(( تدعم السفارة الأمريكية بالعراق مجموعة من برامج التبادل الثقافي سنوياً تحت إشراف وزارة الخارجية الأميركية ومكتب الشؤون التعليمية والثقافية. صممت هذه البرامج لتعزيز التفاهم بين الشعبين العراقي والأمريكي. وتتعهد وزارة الشؤون الخارجية بدعم قدماء برامج التبادل من خلال توفير الموارد التي من شأنها مساعدتهم على إستغلال تجربتهم الثقافية على الوجه الأنسب.

الفرص المتاحة : يتمتع المشاركون في برامج التبادل الثقافي المدعوم من الحكومة الأمريكية بفرص عديدة لإنجاح فترة ما بعد المشاركة في البرنامج بالإضافة للحصول على موارد حصرية :

• جمعيات قدماء المشاركين • تظاهرات: محاضرات، حفل إستقبال، نقاشات وتدريبات • موارد من المركز الأمريكي • فرص أخرى: المبادرات المقترحة من قدماء المشاركين)).

مشروع (فرص / Foras) الامريكي لتشغيل العراقيين!!!

لاحظوا كيف إن العراقيين المساكين، يبدون إعجابهم بهذه المنظمة (الانسانية!!) الامريكية، التي تؤسس المشاريع للعراقيين من أموال العراقيين المسروقة من قبل القوات والسفارة الامريكية. بعد اجتياح بلادهم وتدميرها وفرض الاحزاب العميلة الفاسدة والطائفية والارهابية، عليهم!!!!!

كما يقال: يقتل القتيل ويمشي بجنازته!!!

مثال آخر: من الطريف إن منظمة USAID تفخر بأنها شكلت مشروع لتوظيف العراقيين تحت أسم (فرص / Foras) ومن أكبر عملياته انه سيتم توظيف 2000 عراقي في القاعدة العسكرية الامريكية في الحبانية (طبعاً كمرتزقة وعملاء)!

ضع هذه العبارة في المبحث لمطالعة الاعلان بهذا الخصوص:

مشروع (فرص/ Foras) التابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)

*   *   *

من عجائب وطرائف الدم ــ قراطية الوهابية الامريكية

عزمــي بشــارة: فلسطيني شيوعي قومي عربي مسيحي

وعضو الكنيست الاسرائيلي.....

من قادة الاعلام الوهابي القطري!!!!!؟؟؟؟؟

فهو يشغل المناصب القطرية التالية: مدير المركز العربي للدراسات السسياسية في قطر / مدير جريدة العربي الجديد القطرية في لندن / عضو مجلس أمناء المؤسسة العربية للديمقراطية في قطر برئاسة (الشيخة موزة، أميرة قطر)، مع خالد العطية وزير خارجية قطر / حسن الابراهيم وزير التربية الكويتي.

من أكبر كذبات هذه الرعاية القطرية للديمقراطية الوهابية، إن قطر ليس فيها أي برلمان ولا أحزاب !!!!!!!!

لمزيد من المعلومات عن عزمي بشارة، طالع سيرته في ويكيبيديا وكذلك معلومات كثيرة في باقي المبحث.

*   *   *

أكاديمية التغيير في قطر ورئيسها الوهابي، هي التي علَّمت مبادئ الحرية والدم ــ قراطية، لشباب الربيع العربي!؟

يترأسها (هشام المرسي)، صهر الداعية الوهابي (يوسف القرضاوي). وهي من المؤسسات المهمة التي لعبت دوراً كبيراً في إعداد وتدريب وشراء ذمم النخب العربية التي قادت ما سمي بـ (الربيع العربي). تعرّف نفسها على أنها علمية بحثية غير ربحية، تأسست في لندن في مارس 2006، ثم تأسس لها فرع في الدوحة في 6 سبتمبر 2009؛ وسرعان ما توسعت، ليتأسس فرع فيينا في 1 آيار 2010. وتقوم بتدريب الشباب في الدوحة وفيينا وعبر الإنترنت ومواقع اليوتيوب، وتحت عناوين كثيرة منها أفكار الثورة، وأفكار للثوار، وكيفية التعامل مع القوى التقليدية، وتكتيكات التفاوض، وأسلوب رفع سقف المطالب، وتنفيذ خطوات العصيان المدني، وإبراز بعض المعاني الرمزية مثل: حمل المصاحف وإضاءة الشموع ودق الطبول وحمل الأعلام الوطنية.

المصادر:

  • ·طالع موقع هذه المؤسسة : أكاديمية التغيير.
  • ·طالع هذا المقال الاعترافي الهام، ويشرح جذور هذه المؤسسة، ضع في المبحث: عبدالعزيز الخميس: دور مشروع 'مستقبل التغيير' القطري الأميركي في إشعال الثورات العربية.
  • ·لمزيد من المعلومات، ضع في اليوتيوب عبارة: هشام مرسي أكاديمية التغيير.

*   *   *

داعش صناعة أمريكية

لمحاربة روسيا والصين، وتدمير المنطقة!

الباحث الفرنسي تيري ميسان Thierry Meyssan

هذه المقاطع من مقابلة مطولة مع الباحث، تختصر حقيقة داعش:

إن الولايات المتحدة اقترحت إعادة تفعيل "تنظيم داعش" بعد تغييبه سابقاً، لارتكاب ما لا يستطيع الجيش الأميركي فعله من ممارسات التطهير العرقي الذي يعتبر جريمة ضد الإنسانية.

وقد أعادت الولايات المتحدة في بداية شهر آيار بناء التنظيم ومن ثم تسليحه بالأسلحة الجديدة المشتراة من أوكرانيا بتمويل السعودية. علماً أن الأسلحة نقلت بطائرة إلى قاعدة عسكرية تركية ومن ثم أرسلت عبر قطار خاص بإشراف المخابرات السرية التركية التي أوصلت الأسلحة إلى التنظيم في سورية. كما تم صنع وتدريب عناصر جديدة ضمن التنظيم في الولايات المتحدة الأمريكية ليتمكنوا من الحكم والسيطرة على الأرض.

أدركت الولايات المتحدة الأمريكية في العراق إلى عدم التطبيق العملي لخطة إعادة جدولة الشرق الأوسط للعام 2001, وهي نفسها خطة الخارطة للعام 2005 والتي نشرت من قبل (رالف بيترز)، و (رالف بيترز) عميد قناة الـ cnn كان قد شرح في 2001 محتوى الخارطة ومدى فائدة المجموعات الإرهابية في القيام بالتطهير العرقي الذي لا يستطيع الجيش الأميركي فعله.

إن ميزانية تمويل داعش كبيرة، حيث يعتبر الأمير عبد الرحمن السعودي الممول واللاعب الأساسي للتنظيم فهو شقيق وزير الخارجية وشقيق سفير المملكة السعودية في واشنطن. ومن المتوقع الآن أنه لم يبقى عبد الرحمن اللاعب الأساسي ولاسيما أن المخابرات الأمريكية هي التي تحدد اللاعبين.

أثناء انشغال الرأي العام العالمي بقضية داعش لن يلاحظ أحد تمدد البشمركة الكردية المتحالفة مع امريكا واستيلائها على مناطق الحكومة العراقية الفدرالية وانتشارها على 40% من الأراضي العراقية.

إن داعش تستمر باستخراج نفط العراق، وتنقله علناً عبر الشاحنات إلى تركيا ومنها إلى إسرائيل. وفي إسرائيل يتم التزوير والادعاء بأن النفط من إنتاج إسرائيل وسيصدّر إلى أوروبا.

إذاً الممول الفعلي لداعش هو البترول الذي يباع بملايين الدولارات يومياً. ويعتبر التمويل مشترك بين إسرائيل وتركيا ودولة أوروبية.

المصادر:

  • ·لمطالعة الحوارمفصلا في مجلة صوت روسيا ـ سبوتنيك ـThe Voice of Russia، ضع في المبحث: تيري ميسان، داعش صنع في أمريكا لمحاربة روسيا والصين و نفط العراق لإسرائيل.
  • كذلك نشجع على مطالعة مقالات ومقابلات اليوتيوب لهذا الصحفي، المترجمة الى العربية. ضع العبارة التالية في المبحث: الصحفي الفرنسي تيري ميسان.
  • كذلك مطالعة موقعه المهم بالعربي والفرنسي: شبكة فولتير

مصادر أخرى حول علاقة داعش بأمريكا:

1ـ مجلة Global Research العالمية ـ كندا/ عدد 19ـ9ـ 2014، لمطالعة هذه الدراسة بالانكليزية، ضع في المبحث عنوانها:

The History of EI Beheadings: Part of the “Training Manual” of US Sponsored Syria “Pro-Democracy” Terrorists

2ـ مجلة افريقيا ـ آسيا الفرنسية / عدد 30ـ9ـ 2014، لمطالعة هذه الدراسة بالفرنسية، ضع في المبحث عنوانها:

Daech: un groupe terroriste «pro-démocratie » appuyé par les États-Unis...

                

                    *   * *

الخـاتـمـة

الانحطاط العربي.. ما العمل؟!

 

إننا لا ندعي امتلاك الحل الامثل. لأن الاوضاع لا تكف عن التعقيد أكثر وأكثر، بسبب القدرات الجبارة التقنية والنفسية والمالية والحربية التي يتقن استخدامها شياطين المال والسلاح بقيادة ذئاب امريكا. وكما تبين لنا، كيف تمكنت هذه القوى الشيطانية العالمية من التحالف مع شيوخ العروبة والاسلام الوهابي والشيعي، من اجل تدمير الاسلام والعرب معاً، أوطاناً وبشراً وثقافة. حتى أصبح العربي وإسلامه رمزاً عالمياً للتعصب والهمجية والانمساخ!

الفكرة البسيطة الاولى التي تحضرنا في هذا النفق المرعب المظلم: إن الزمن كفيل بحلحلة الامور.. وإن بعد العسر يسر.. ويا مصيبة اشتدي حتى تهوني..

أما الفكرة الثانية الاكثر جدية التي نتمناها، ولكن لا ندري كيف ومتى يمكن أن تتحقق:

من المنطقي جداً وقد أثبت تاريخ البشرية انه لا بد أن تظهر مع الزمن جماعات عانت واستفادت من كل تلك التجارب المخيبة، والاحلام التي صارت كوابيس، والمشاريع الساحرة التي انتهت بالدم والخراب، وانحطاط القادة الذين باعوا ضمائرهم بحفنة دولارات وأصبحوا وحوش فساد وعمالة.

نقول ونتمنى إن الزمن لا بد أن يبرز جماعات من النخب العربية، مهما كانت قليلة العدد، قادرة على ايجاد بديل عقلاني وواقعي، يعتمد على عقائد أصيلة وجديدة، وأساليب كفاح تختلف عن العقائد والاساليب التي قادتنا الى الخراب الحالي.

ويمكن أن نقترح ونسجل ونتمنى لهذه النخب المستقبلية البديلة أن تأخذ بنظر الاعتبار هاتين المعضلتين العصيتين والخطيرتين، المتداخلتين والمكملتين لبعضهما البعض، والتي فشلت النخب العربية بحلها منذ حوالي قرن ونصف وحتى الآن، بل أضافت عليها التعقيد والمخاطر. يمكن اختصار هاتين المعضلتين التاريخيتين بعبارة واحدة:

 

انفصامية العرب المازوخية وانفصامية الغرب السادية

إن الأنفصامية، أو ازدواجية الشخصية، حالة طبيعية لدى الانسان. فهو مزيج من وحش وملاك. قادر على منح الحياة والمحبة والبناء والتضحية والإيثار، وأيضاً قادر على القتل والحقد والتخريب والقسوة التي تتجاوز همجية المفترسات.

وهنا تكمن مشكلة الانسان، في كل مكان وزمان، وبين كل الطبقات والمستويات الثقافية، انه من الناحية العقلية - النفسية، غير قادر بسهولة على الموائمة بين هذين الموقفين المتناقضين، الايجابي والسلبي. فتراه بطبعه يميل الى استسهال الامور، واتخاذ الموقف التبسيطي المتطرف الذي لا يشاهد في الآخرين، أفراد وجماعات، سوى جانب واحد يناسبه: خير أو شر.. أبيض أو أسود.. فتراه أما يتقبل ألآخر لحد التبجيل والتقديس والحب المتوله والتبعية المطلقة، أو يرفض الآخر لحد الحقد والتدمير والتمرد المطلق. ومن هنا يأتي الخنوع المازوخي الطويل للقساة وللأشقياء وللزعماء وللمستعمرين، وأيضاً التمرد السادي المتوحش الذي يفاقم الاحقاد العمياء بين الناس ويفجر الثورات الرعناء والحروب المدمرة الداخلية والخارجية.

انفصامية العرب وانفصامية الغرب

وهنا تكمن مشكلة العرب ونخبهم: إنهم غير قادرين على الموائمة في هذا الموقف المتناقض إزاء ازدواجية الغرب. إذ انقسموا بصورة متعسفة الى موقفين تبسيطيين متطرفين: أسود أو أبيض!!

إن شعوب الغرب، امريكا واوربا، هم ليسوا كفرة وحوش كما يصورهم مدعي الدين والقومية...

وهم ليسوا ملائكة متحضرين، كما يصورهم أهل الحداثة ماركسيون وليبراليون.

هم شعوب، بشر، مثل كل البشر في كل زمان ومكان، يولدون ويموتون، يحبون ويكرهون، يرحمون ويقسون، يشيّدون ويدمرون، يكرمون ويسرقون، يضحكون ويبكون... والأهم من هذا إن بلدانهم وحضارتهم وثقافتهم، ليست جنة ولا جهنم، بل الاثنان معا. إن الشعوب الغربية مهما نقدناها واتهمناها بالعنصرية والعدوانية ومساندة دولها وجيوشها، إلاّ أنهم أيضاً هم مثلنا يعانون من دولهم وطبقاتهم الذئبية المتوحشة التي تهيمن عليهم وتسرقهم وتخدعهم وتورطهم في أحقاد وحروب، أمثال الحربين العالميتين الاولى والثانية، والتي أدت الى ذبح 100 مليون اوربي بأيادي اخوتهم الأوربيين!!!

لهذا إن أصعب المهمات أن تكون مواقفنا وعلاقاتنا مبنية دائماً وأبداً على هذا السؤال الصعب جداً جداً:

كيفية التمييز بين هذين الجانبين المتناقضين.. كيف نستفيد من جنان الغرب ونتحالف مع شعوبه وقواها الخيرة، ونرفض جهنمه وجنونه، ونقاوم ذئابه الحاكمة المسعورة ومؤامراتهم الشيطانية؟؟؟!!!

ويمكن تقسيم هذه المعضلة الى سؤالين متداخلين:

 

اولا ــ مشكلة الصراع الديني ــ الحداثي

كيفية الخروج من هذا القمقم المغلق، وهذه اللعبة الجهنمية التي نعيشها منذ أكثر من قرن :

الصراع بين أهل الدين وأهل الحداثة.. نعم ثلاثة أرباع مصائبنا وطاقاتنا وصراعاتنا وخياناتنا وانقلاباتنا وحروبنا، متأتية من هذا الانشقاق التاريخي الذي فشلنا بردمه، بل لم نكف عن توسيعه، بمزيد من التطرف الديني والتطرف الحداثي. ولا يمكن أن نقارن أنفسنا أبداً أبداً بالوضع المثيل في الغرب. لأن الانشقاق في المجتمعات الغربية بين أهل الدين وأهل الحداثة مخفف بفضل وجود عاملين :

1ـ في المجتمعات الغربية، إن مرجعيات أهل الدين وأهل الحداثة، مقرهما وجذورهما في الغرب نفسه، وتستلهم مصادرها وحججها من الثقافة والتراث والتاريخ الغربي نفسه. مثال على ذلك: إن المسيحي الغربي مهما تعصب، والحداثي الغربي مهما تعصب، الاثنان يعترفان ويفتخران وينتميان الى الحضارتين اليونانية والرومانية. بل هنالك مثال أوضح: إن الطرفان المسيحي والحداثي، معاً استفادا من الفتوحات الاستعمارية الاوربية خلال قرون 1500 ـ 1945. فالكنائس المسيحية الاوربية، في ظل دولها الليبرالية الحداثية، نشرت مبشريها في جميع المستعمرات وأجبرت غالبية سكان أفريقيا وأمريكا وبعض آسيا، على إعتناق المسيحية الكاثوليكية والبروتستانية!!

بينما نحن في مجتمعاتنا العربية الممسوخة، فان أهل الدين وأهل الحداثة، يعيشان في كوكبين مختلفين، بل متحاربين. فالمتدين مهما كان عقلانياً، فأنه لا يعيش الحاضر، بل جذوره ومصادره محصورة في العصر الاسلامي وبالذات الحقبة الاولى. وهو يعتبر رغماً عنه إن كل التاريخ الحضاري العظيم السابق في الدول العربية مرفوضاً وثنيا كافراً.

أما أهل الحداثة فهم أيضاً لا ينتمون الى واقعنا وميراثاتنا لأنهم يعيشون في كوكب آخر اسمه (اوربا وامريكا). فالحداثي مهما كان وطنياً وقومياً ويسارياً أو ليبرالياً، فإنه رغماً عنه مصدره وملهمه وحلمه نابع من الحداثة والتجربة الاوربية. وحتى عندما يحاول أن يجبر نفسه ويتقرب من التراث الاسلامي، فأنه يلجأ بحذر ودبلوماسية وانتقائية يسارية أو ليبرالية، مستعيناً طبعاً بالمستشرقين الاوربيين!

2ـ إن التجربة الاوربية والامريكية، تمكنت خلال القرون الاخيرة من خلق تيار شعبي وسطي ثالث بين التيار الحداثي الالحادي المتطرف والتيار الديني المسيحي الكنسي. وهذا التيار الثالث موزع الى عدة اتجاهات بمختلف الالوان والعقائد، لا مسيحية ولا ملحدة:

  • ·اتجاه شعبي يمكن تسميته بـ (التيار اللا أدري Agnostique). فمثلاً، لو طرحت هذا السؤال على الناس الشعبيين في الغرب: هل أنت متدين أم ملحد؟ فأن نصفهم على الأقل سوف يكون جوابه التالي: (لا أدري.. اني أبحث عن الجواب..).. لهذا تراه من الطبيعي، إنه يتقبل الحوار معك إذا كنت متديناً أو ملحداً، لأنه يبحث عن اختيار..
  • ·
  • ·اتجاه روحاني بدائلي (New age - Alternative )، ينمو بقوة منذ أعوام الستينات يعتمد على العقائد الروحانية والآسيوية وغيرها. وفلسفته البدائلية تشمل مختلف جوانب الحياة، الروحية والطبية والتربوية، بالاضافة الى الموقف الرافض للتطرف الصناعي والسلاحي المدمر للطبيعة والانسان.

أما نحن، فأن نخبنا الدينية والحداثية، معاً بقيت حبيسة تحَّجرها وكسلها المرعب. فليس أسهل من استنساخ ثقافة السلف الصالح بالنسبة للديني، أو استنساخ الطروحات الاوربية الجاهزة، ليبرالية ويسارية، بالنسبة للحداثي.

أسطع دليل على غياب أية ثقافة أخرى مختلفة عن الثقافة السلفية (سنية وشيعية) والثقافة الحداثية الغربية (يسارية وليبرالية)، غياب أي اهتمام بتقديم العقائد الدينية القديمة والجديدة المنتشرة في العالم. كذلك غياب الثقافة البدائلية التي لها في الغرب نخبها الكبرى المعروفة وما لا يحصى من كتبها التي تجدها في جميع المكتبات. فنحن لسنا متخلفين عن اوربا فقط بالثقافة الحداثية، بل نحن متخلفون عنها خصوصاً بالثقافة البدائلية الروحانية الغنية والمتنوعة والشاملة لمختلف جوانب الحياة المعيشية والفلسفية والطبية.

النتيجة إن المواطن العربي المسكين ليس أمامه غير خيارين، أسود أو أبيض:

أما أن يكون سلفياً صالحاً، أو حداثياً طالحاً!!!! وأي موقف ثالث متردد أو متسائل أو باحث، فأنه مرفوض بقوة من قبل الطرفين!! وهذا سر تفاقم انحطاط مجتمعاتنا بسبب إنفصام الشخصية وانمساخ الهوية وسيادة مشاعر الحقد والعنف.

بينما الاوربي والامريكي، أمامه خيار ثالث فيه جميع الالوان والاذواق والاتجاهات. وبالتالي، فأن المجتمعات الغربية لا تعاني مثل مجتمعاتنا، من التمزق والاحتراب الوحشي بين أهل الدين وأهل الحداثة. لأن الخيار الثالث يشكل جسراً حوارياً بين أهل الدين وأهل الحداثة.

 

ثانيا ــ مشكلة العلاقة مع امريكا واوربا

 

هذه المعضلة العصية والخطيرة والحاسمة التي نعيشها منذ نهايات الدولة العثمانية قبل أكثر من قرن وحتى الآن، مرتبطة ومتداخلة بصورة كاملة مع المعضلة السابقة. فهي أيضاً نتيجة عجز الرعيل الاول من النخب العربية عن حلها، بنفس الوقت الذي عجزوا فيه عن إيجاد حل للموقف من الدين والحداثة.

فإننا إزاء هذه المعضلة كذلك تمزقنا الى موقفين متناقضين:

1ـ الموقف الثوري اليساري والقومي، الذي أشهر عدائه المطلق للمشاريع الاستعمارية الغربية والامريكية. وقد استفاد من الدعم السوفيتي لكي يصمد خلال عقود في مواقفه الثورية. لكنه، كما نعرف، انتهى بكوارث مرعبة حتى قبل نهاية المعسكر السوفيتي، مثل نظام عبد الناصر في نكسة حزيران 1967. وتفاقمت انتكاسات وكوارث هذه الانظمة الثورجية في السنوات الاخيرة إبتداءً ببعث العراق ثم اليمن وليبيا وأخيراً بعث سوريا المحتضر.

2ـ الموقف الخنوع التابع للقوى الغربية، والفاتح أبواب بلدانه للقواعد ومراكز التجسس والتخريب الامريكية. وفي الحقبة الأخيرة، وبعد نهاية الحركات الشيوعية والقومية، اتجهت النخب الشبابية الى التبعية المفضوحة لأمريكا باعتبارها حامية مبادئ الحرية والدم ـ قراطية!

تفاقم الانفصامية العربية

إن أشنع دليل على هذه الانفصامية العربية، إن شبّان الربيع العربي الحاملين لرايات الحرية والربيع العربي، مرتبطون بنفس الوقت بزعيمة الحداثة امريكا، وزعيمة التعصب والسلفية الوهابية!!!

بل لاحظوا كذلك هذه الظاهرة العجيبة، التي تكشف عن مدى شدة الانفصامية التي تعاني منها النخب العربية:

إن الاحزاب والانظمة الثورية التي كانت معادية للغرب (الشيوعية والبعثية والقومية)، هي بنفس الوقت من أشد معتنقي الفكر الغربي الحداثي بطريقة صبيانية إنمساخية عمياء، تحت مسميات الماركسية والقومية والاشتراكية والديمقراطية وغيرها!

بينما الانظمة المتحالفة مع الغرب، هي بالعكس تماماً، متحفظة إزاء الفكر الغربي، مع عقائد دينية وأنظمة ملكية مغلقة، مثل السعودية ودول الخليج والمغرب والاردن، بالاضافة الى النظام العراقي الحالي المحكوم من قبل أحزاب دينية طائفية وعنصرية تابعة لأمريكا!

إنها حقاً ظاهرة عجيبة خارج المنطق، ودليل جازم على إنفصامية نخبنا، والمستغلة بصورة شيطانية من قبل طغم اوربا وامريكا!

 

البحث الصعب جداً عن الموقف الوسطي

نعم، إن الاجابة على هذا السؤال العصي بشقيه المتداخلين، هي المهمة الجبارة الملقاة على عاتق الاجيال العربية القادمة:

  • ·كيفية تجديد الاسلام بحيث يتقبل الحداثة الغربية.. وبنفس الوقت: كيفية ابتداع حداثة عقلانية ووسطية تحترم الانسان والطبيعة والهوية التاريخية، ومتحررة من البهرجة والخلاعة والاستهلاكية الغربية؟!
  • ·كيفية إقامة علاقة طبيعية انسانية مساواتية مع المجتمعات الغربية، تتجنب المشاريع الاستحواذية الغربية. وهذا ربما يتم عبر إقامة تحالف تاريخي مع القوى الايجابية الغربية، الثقافية والحزبية والدينية، لمقاومة الطغم الغربية التي تقوم أيضاً بمسخ وتشويه شعوبها مثلما تفعل معنا ومع باقي شعوب العالم.

وخلاصة الخلاصة: إن المهمة الكبرى الملقاة على الأجيال العربية القادمة: إنجاز المهمة الكبرى التي فشلت النخب العربية بإنجازها منذ أكثر من قرن وحتى ألان:

ابتداع الثقافة الوسطية العقلانية القادرة على التمييز والتعامل مع ثنائيات وتناقضات الحياة..


صدر للكاتب سليم مطر

   www.salim.mesopot.com                                                                                                                                                                       

- رواية (إمرأة القارورة)، عدة طبعات: 1990 ـ 2005 / الترجمة الفرنسية 1993 / الترجمة الانكليزية 2004 / الطبعة الثالثة، بغداد 2010

- بحث وفكر (الذات الجريحة)، عدة طبعات 1996 ـ 2008

- رواية (التوأم المفقود) 2001

- بحث وفكر (جدل الهويات) عدة طبعات 2003 ـ 2004

- الاشراف على (ميزوبوتاميا) وهي دورية موسوعية خاصة بالهوية العراقية تصدر في بغداد، منذ عام 2004

- سيرة روائية (اعترافات رجل لا يستحي!)، الطبعة الاولى 2008 / الترجمة الفرنسية 2010 / الطبعة الثانية 2011

- كتاب فكري (العراق الجديد والفكر الجديد) 2010

- الاشراف على كتاب جماعي (يقظة الهوية العراقية) 2010

- كتاب فكري تاريخي (المنظمات السرية التي تحكم العالم) 2011

ـ كتاب تاريخي فكري موسوعي (العراق.. سبعة آلاف عام من الحياة) 2013

ـ رواية قصصية (تاريخ روحي) 2015

موسوعات أشرف على اصدارها

- (خمسة آلاف عام من الانوثة العراقية) 2004

- (موسوعة المدائن العراقية) 2005

- (خمسة آلاف عام من التدين العراقي) 2006

- (موسوعة كركوك قلب العراق) 2008

- (موسوعة اللغات العراقية) 2009

- (موسوعة البيئة العراقية) 2010